Toujan_Faisal.jpg

قراءة في تاريخ وهوية الأردنيين

توجان فيصل

هناك حديث ملتبس المعنى عن "الهوية الأردنية" وضرورة الحفاظ عليها من خطر يلّمح إلى أنه يهددها من قبل الأردنيين من أصول فلسطينية. وهو ما يستدعي منا ابتداء التوقف, وبطريقة علمية وتاريخية عند "هويتنا" الحقيقة قبل الانتقال للحديث عما يغلفه هذا الطرح المستجد.المفروض, لبيان التمايز بين الهويتين أن نعود للأردن ما قبل قيام الإمارة عام 1921, لننظر كيف كانت هويته. والهوية هنا لها شقان, الشق السياسي والشق الاجتماعي. وهما يتداخلان لحد ما. السمة الغالبة على الأردنيين في العقد الثاني من القرن الماضي كانت البداوة , تليها الفلاحة ثم قلة من الحضر في البلدات الرئيسة.التركيبة الأردنية هي ذات تركيبة المجتمع الفلسطيني مع اختلاف النسب حيث طغت نسب الحضر والفلاحين على أقلية بدوية, وهذه الفروق لم تكن تحدث فارقا بينيا يؤثر بشكل كبير في التوجهات السياسية للأردنيينوهي ذات تركيبة المجتمع الفلسطيني مع اختلاف النسب حيث طغت نسب الحضر والفلاحين على أقلية بدوية. وهذه الفروق لم تكن تحدث فارقا بينيا يؤثر بشكل كبير في التوجهات السياسية للأردنيين. فإذا تجاوزنا أدبيات المرحلة التي وثقت للنخب الحضرية العربية كلها وبينت توافق سياساتها وتطلعاتها, فإن التقارير البريطانية الصادرة من المنطقة كانت تشير إلى كون فلاحي الأردن, لتقاربهم الشديد مع فلاحي فلسطين, يشكلون, تجمعات شعبية داعمة بالسلاح والمال والعون اللوجستي للمناضلين الفلسطينيين ضد الاستيطان الصهيوني, بل ويشكلون مخزونا من المتطوعين للقتال وكل أشكال المقاومة.والأقدم من هذا هو تاريخ نضال العشائر الأردنية ضد الحكم العثماني, وحقيقة أن زعماءها كانوا ينسقون مع الثوار العرب في دمشق تحديدا كونها مركزا رئيسيا على الخط الواصل بتركيا, وكون ما ثار الكل عليه لم يكن فقط الظلم الذي وسم حكم العثمانيين بل واستهدافهم "للهوية العربية" إضافة لرفض العشائر للتجنيد في صفوف الجيش العثماني مقابل تطوعهم لاحقا للقتال إلى جانب المناضلين الفلسطينيين. وهذا يؤشر بمجمله على "هوية قومية عربية" ترجمت في اصطفافات سياسية بل وقتالية انتظمت في صفوفها قطاعات شعبية أردنية لم تكن حتى من النخب التي انضمت للأحزاب القومية العابرة للحدود, أو حتى سمعت بها.ولكن سمة البداوة -خاصة طرائق معيشة الجزء الرعوي المتنقل وليس المتوطنين داخل أو حول البلدات الرئيسة- هي التي لفتت نظر الرائي من الخارج. ومنهم العالم الاجتماعي دانيال ليرنر عندما زار الأردن عام 1952, أي بعد النكبة وتوافد أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين على الأردن. وكتب حينها فصلا عن الأردن في أحد كتبه بعنوان "دولة بشعبين".وفيه توصل إلى أن الفروق التي لمسها تجعل الانسجام والتمازج بين الشعبين مستحيلة. ولكنه عندما عاد بعد ربع قرن فقط في العام 1977, كنت ضمن مجموعة من الإعلاميين التقاهم (أذكر منهم السيد نصوح المجالي مدير الإذاعة حينها والراحل الكبير الأستاذ جورج حداد مدير الأخبار في التلفزيون) كان يستفسر باستغراب عما يسر هذا التمازج لحد ضياع الفروق. ولم اقرأ ما نشره ليرنر بعدها, ولكنه قال لنا إنه سيكتب هذه المرة تحت عنوان "شعب بدولتين" في إشارة لوقوع الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي.والآن, وبعد فورة التعليم الأعلى في الأردن بعد فلسطين على قائمة الدول العربية, وهو تعليم مصادره المتاحة للشعبين هي نفسها عربيا وعالميا, وفي عصر الفضائيات والإنترنت والمدن ذات المباني الشققية الشاهقة الارتفاع والتي تفرض الجوار اللصيق على كل الساكنين بحكم التساوي الطبقي لتقارب الدخول وليس الأصول. وبعد أن انتشر التزاوج بين الفئتين, وحدوثه بهذا الكم هو بحد ذاته دليل تقارب اجتماعي, بحيث أصبح أكثر من ثلث سكان البلاد من نسل خليط استحدثت له تسمية "أردوسطيني" في رفض التخندق المفتعل الذي يناقض حتى حقائق البيولوجيا. بعد كل هذا يصعب الحديث عن وجود فروق "هوية" تذكر بين أصحاب الأصول المختلفة من الأردنيين. وإذا كانت هنالك فروق في التوجهات السياسية ناتجة عن الوعي (أو تغييب الوعي) فإن كل تلك الاصطفافات, من أقصى يمينها لأقصى يسارها, باتت عابرة لكل الحدود القطرية العربية أكثر بكثير من ذي قبل.إذا كنا نبحث في "الهوية السياسية للأردنيين" فإننا نكون نبحث في هوية سكان شرق الأردن الأصليين أصحاب الأرض في أواخر العهد العثماني على الأقل, كون ذلك أقدم معيار معتمد في أول قانون أردني نظم الجنسيةومع ذلك, فإننا إذا كنا نبحث في "الهوية السياسية للأردنيين" فإننا نكون نبحث في هوية سكان شرق الأردن الأصليين أصحاب الأرض في أواخر العهد العثماني على الأقل كون ذلك أقدم معيار معتمد في أول قانون أردني نظم الجنسية. وصولا للحظة التاريخية الفاصلة المتمثلة بقيام إمارة شرق الأردن التي لا جدال أنها كانت اللحظة الأنسب للتعبير عن تلك الهوية. مرورا بما جرى لحين قيام الوحدة مع الضفة الغربية.التوجه العام منذ البداية كان توجها قوميا ديمقراطيا يطالب بالاستقلال والحكم النيابي. وقد شارك ممثلون عن الأردن في المؤتمر السوري العام الذي عقد في دمشق في الفترة من السادس وحتى الثامن من مارس/آذار 1920 والذي أهم قراراته استقلال البلاد السورية بحدودها الطبيعية, على الأساس المدني النيابي, وحفظ حقوق الأقلية "ورفض مزاعم الصهيونيين في جعل فلسطين وطنا قوميا لليهود أو محل هجرة لهم".وشكلت تجربة المملكة السورية العربية التي أعلنت في اليوم الأخير من ذلك المؤتمر, والتي أهم ما بقي منها بعد نهايتها السريعة, هو دستورها الذي نص على فصل السلطات الثلاث, واستقلال القضاء وكون السلطة التشريعية منتخبة بكاملها, واحترام الحريات الفردية والعامة. هذه التجربة وجدت صدى في نفوس الأردنيين وشكلت مثالا يحتذى ومطلبا بدؤوا -وما زالوا- يلحون في تحقيقه في كافة تحركاتهم السياسية منذ قيام إمارة شرق الأردن في أبريل/نيسان عام 1921.أول حكومة تشكلت مع قيام الإمارة كانت برئاسة رشيد طليّع, وهو لبناني درزي من مؤسسي حزب الاستقلال السوري. وشارك في إدارات البلاد بعض قادة حزب الاستقلال العربي وقادة حزب العهد العربي, ومعظمهم من أبناء سوريا ولبنان وفلسطين. "غير أن قادة حزب الاستقلال ما لبثوا أن اصطدموا مع سلطات الانتداب البريطانية التي مارست ضغوطا على الأمير عبد الله بن الحسين, للتخلص منهم وتطهير أجهزة الدولة منهم. وتم ذلك سنة 1934". (د. علي محافظة: الفكر السياسي في الأردن 1916-1946. مركز الكتب الأردني. عمان 1990).ولكون الحكومة البريطانية اشترطت ابتداء على الدولة الأردنية الذي شاركت في إنشائها أن تكون حكومتها "دستورية" لأسباب عملية في مقدمتها ضبط الأمور المالية عن طريق رقابة تشريعية فعالة, وأيضا نتيجة لتصاعد مطالبات الأردنيين فور قيام الإمارة بحكومة دستورية.فقد شكل الأمير عبد الله لجنة أهلية في 9/7/1923 لوضع قانون للمجلس النيابي المنوي انتخابه. وقد ساهم تمرد الشيخ سلطان العدوان المطالب بتشكيل حكومة دستورية وانتخاب مجلس تشريعي (تم التصدي له بمشاركة القوات البريطانية) في دفع اللجنة إلى الإسراع في صياغة مشروع قانون الانتخاب. ولكن صدور القانون لم يتبعه إجراء انتخابات نيابية "بل بقي حبرا على ورق, وكان صدوره مجرد تلهية للذين يطالبون بالحياة النيابية" حسب د.محافظة (المصدر السابق).شكل الأمير عبد الله لجنة أهلية في 9/7/1923 لوضع قانون للمجلس النيابي المنوي انتخابه. ولكن صدور القانون لم يتبعه إجراء انتخابات نيابية "بل بقي حبرا على ورق, وكان صدوره مجرد تلهية للذين يطالبون بالحياة النيابية"أما القانون الأساسي (الدستور الأول) فقد وضع بعد أربعة شهور من صدور قانون الانتخاب عبر لجنة أخرى كانت قد تشكلت قبل عام كامل. وجاء متأثرا لحد بعيد بدستور سوريا لعام 1920, دستورا عصريا يتضمن المبادئ الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان والتوازن بين السلطات والفصل بينها. ومن بعده تم إعداد قوائم الناخبين وأنجزت في يونيو/حزيران 1924.ومع ذلك لم تجر أية انتخابات ولا طبق الدستور (القانون الأساسي) الذي -وهنا الغرابة- كان الإنجليز لحينه يضغطون باتجاه تطبيقه وإجراء الانتخابات التشريعية لتؤول محاسبة الحكومة لمجلس نيابي منتخب. وإصرار بريطانيا على هذا أنتج أزمة بين المعتمد البريطاني جون فيلبي والأمير عبد الله الذي كان يرى في هذا تقليصا لصلاحياته. والمحصلة كانت حكومة جديدة أعلن رئيسها أن من برنامج حكومته "السعي لانتخاب مجلس نيابي لتدريب الأمة على الحكم الدستوري" ولكن تعامله مع مطالبات شيوخ العشائر والشباب المتنورين بتطبيق القانون الأساسي وانتخاب مجلس نيابي, تجلى في إخراج موقعي العرائض من العاصمة الأردنية ووضعهم تحت الإقامة الجبرية والرقابة المشددة في القرى التي أتوا منها (المصدر السابق).ثم توالت القوانين القمعية من مثل قانون منع الجرائم الذي -كنسخته الحديثة- يحاسب على نوايا مفترضة. وقوانين مطبوعات كالتي ظلت تصدر تباعا وليومنا هذا, تعاقب بالسجن وبغرامات باهظة أو بكليهما. والهدف هو أن لا تؤول صلاحيات محاسبة الحكومة لمجلس منتخب. وهو ما عادت بريطانيا وتواطأت فيه على الشعب الأردني بأن قفزت عن الصيغة الديمقراطية التقدمية لقانون عام 1924, وفرضت سلطة الانتداب قانونا آخر لا علاقة له بالديمقراطية بأكثر من مزج جزء صغير منتخب في جسم معين, ليقال إنه سلطة تشريعية شعبية!!.وكان إعلان القانون الأساسي الجديد قبل شهرين فقط من إقرار الاتفاقية الأردنية البريطانية. ثم وللوفاء "شكليا " باشتراط بريطانيا السابق للدستورية , تحول هذا القانون إلى "دستور" عام 1946, بعد إعلان الأردن مملكة.وما فعله إخوتنا الفلسطينيون عند توحيد الضفتين عام 194, وهم الذين كان تنشر في صحفهم بيانات ومقالات المعارضة المطالبة بالديمقراطية وحتى رسائلهم أو مناشداتهم للأمير. أن اشترطوا لقبول الوحدة, تحديدا أن تؤول محاسبة الحكومة والرقابة على المال العام لمجلس النواب. ومقابل ذلك رضوا أن تكون حصتهم مناصفة في عدد مقاعد مجلس النواب بالرغم من أن عدد سكان الضفة الغربية فاق عدد "الشرق أردنيين" بما يقارب الضعف حينها. وهو شرط قبل به الملك عبد الله الأول (روبرت ساتلوف: من عبد الله إلى حسين. مطبوعات جامعة أكسفورد. نيويورك 1994).وفي بداية انعقاد أول مجلس نواب ممثل للضفتين جرى الضغط على المجلس للمصادقة على قرار الوحدة دون مناقشة تذكر. ولكن بعد ذلك, برزت ممارسات هذه السلطة الديمقراطية الحضارية للشعب الجديد, دون أن يتبدى أي انشقاق أو حتى خلاف بين مكوناته يتأتى من "الأصول والمنابت" مما أهله لتحقيق أغلبية رفضت مشروع قانون الموازنة الأولى الشاملة للضفتين بعد الوحدة, وردته للحكومة في مايو/أيار1951. فجرى حل البرلمان الأول الممثل للضفتين. (ساتلوف�المصدر السابق).إلا أنه بعد سلسلة تداعيات أبرزها اغتيال الملك عبد الله الأول في يوليو/تموز 1951 وتولي الملك طلال الحكم, أقر الدستور الحالي في العام 1952, وهو دستور يمثل حالة متقدمة جدا من الديمقراطية, إذ جرى تحاشي كل مثالب دستور عام 46 ورسخ حكم الشعب النيابي ضمن ملكية دستورية أخذت عن الدستور البلجيكي, وتحديدا عن تطبيقه العرفي -غير المكتوب- في بريطانيا.الحديث الجاري عن تهديدات "للهوية" الأردنية نتيجة إعادة الجنسية لبضعة آلاف ممن حملوها لعقود, هو غير صحيح وليس فقط غير دقيق أو مبالغ فيه. وهو تفاد لحديث عن المشكلة الحقيقة يصل حد الإنكار, وهي مشكلة يجري ترحيلها هذا الدستور لم يضع أسس دولة المواطنة الحديثة, فذاك يعود لنضال الأردنيين منذ العام 1921, ولكنه أعاد تكريسها بفضل المواطنين الجدد بصورة تضمن السلم الأهلي لو استمر تطبيقه, حيث لا مجال لأن تصبح الأصول والمنابت مادة لأي مشكلة أو سببا لأي تفرقة, كونه نص على أن المواطنين متساوون أمام القانون. وهو ما استمر حتى الانقلاب الرسمي عليه (ساتلوف-المصدر نفسه) والذي جاء بعد خمس سنوات فقط من تطبيقه, وحل المجلس المنتخب وإعلان الأحكام العرفية التي استمرت للعام 1993, أي لما بعد ما سمي "بعودة الديمقراطية" إثر الانتفاضة الشعبية في العام 1989.وهو الدستور الذي تجمع كل القوى الوطنية الأردنية الآن على ضرورة العودة له بعد تخليصه من كل التعديلات التي أدخلت عليه في الفترة العرفية. أي أن هذا الدستور المشترك, ما زال يمثل الهوية السياسية, وحتى الاجتماعية الأردنية.المواطنون الجدد من أصول فلسطينية, هم ليسوا اللاجئين فقط كما تنقل الصورة النمطية التي روجت لها جهات رسمية في عقود ما قبل فورة الإعلام, لاجتذاب مساعدات دولية أو تبرير قصور إداري أو حتى فساد مالي يعيق التنمية. تماما كما روجت لصورة الأردني بأنه بدوي يركب الجمل, لأغراض سياسية أيضا وليس فقط سياحية, لدرجة أن زوار الأردن لحين سبعينيات أو حتى ثمانينيات القرن الماضي, كانوا يتوقعون أن يشاهدوا الجمال تتنقل براكبيها فور وصولهم.ومثله الحديث الجاري عن تهديدات "للهوية" الأردنية نتيجة إعادة الجنسية لبضعة آلاف ممن حملوها لعقود, فهو غير صحيح وليس فقط غير دقيق أو مبالغ فيه. هو تفاد لحديث عن المشكلة الحقيقة يصل حد الإنكار, وهي مشكلة يجري ترحيلها لنا ونصر بهذا القول, وغيره على تبني منشئها بما لا يقل عن القول إنها نابعة من "هويتنا ". ولهذا حديث آخر لا يتسع له هذا المقال.

��� 8/9/2009

عودة للهوية الأردنية

توجان فيصل

مقالتي هذه لا تنفصل عن مقالتي السابقة "قراءة في تاريخ وهوية الأردنيين" بل إن تلك المقالة كانت مقدمة لهذه. وقد اهتممت بالتعليقات الواردة عليها, وأهمها أن بعض الذين استاؤوا من إيراد حقائق موثقة تاريخيا حاولوا الإيحاء بأنها غير لازمة أساسا وأن المقالة لم تأت بجديد.فهؤلاء كرسوا غرضي من المقالة, لكونهم بهذا أقروا بصحة ما خلصت له من أن هوية الشعب الأردني السياسية كانت منذ ما قبل نشوء الإمارة "هوية قومية تصر على الاستقلال عن أي نفوذ أجنبي وتتمثل الوطن والوطنية بصيغة واحدة لا بديل لها هي دولة المواطنة الديمقراطية النيابية".في هذه المقالة سنتوقف تحديدا عند ما طرحه بعض من يتحدثون باسم "الوطنية الأردنية", في إشاراتهم المبهمة إلى هوية أردنية يقولون إنهم حريصون عليها دون التعرض لكون كافة مواقع القرار سقطت منذ أمد, بالتعيين والتزوير, في يد دوائر أسرية ضيقة ويجري توريث مقاعدها ومكاسبها للأبناء والأصهار في حلقة أصبحت مغلقة ليس فيها من يمثل الشعب الأردني.معيار "الأردنة" تحقق للمجلس النيابي الحالي عمليا منذ ما سُمِّي بعودة الديمقراطية, إذ أصبح ما يقارب ثلاثة أرباع المجلس من "الشرق أردنيين", مع أنه مجلس يفترض أن يمثل شعبا أكثر من نصفه من أصول فلسطينيةالمتمعن في شخوص تلك الحلقة يجد أنها تدور, تاريخيا, في فلك اتفاقية وادي عربة, وما مهد لها من مفاوضات علنية وسرية, وما نتج عن كسر المحرمات التاريخية بزعم مكاسب مالية من خلط "البزنس" بالسياسة بشكل صارخ مؤخرا.. مما انتهى إلى "خصخصة وطن".مجالس نوابنا الأخيرة, وتحديدا مجلس نوابنا الحالي يفترض أن يقف مثالا على أحد نجاحات "الوطنية الأردنية" في "أردنة" مؤسسة حكم رئيسة. ولكن يصعب القول إن أي جزء من ذلك النجاح صب في صالح تلك "الوطنية الأردنية"، بل على العكس انعكس عليها سلبا. فتلك المجموعة التي تقدم نفسها على أنها من المعارضة تكون بطرحها هذا وفرت غطاء من شرعية شعبية لتكريس نهج الإقصاء والمحاصّة الرسمي الذي تولته بكامله الحكومات, مدعومة بأجهزة أمن دورها التاريخي في عملية الانتخابات معروف, وصولا لتحديد آخر فرد يقصى أو يقرب بأن يعطى حصة في المجلس التشريعي أو الحكومة أو غيرها من الوظائف التي امتد تعريفها ليشمل المجالس البلدية وحتى ترؤس هيئات أهلية.ومعيار "الأردنة" تحقق للمجلس النيابي عمليا منذ ما سُمِّي بعودة الديمقراطية, إذ أصبح ما يقارب ثلاثة أرباع المجلس من "الشرق أردنيين", مع أنه مجلس يفترض أن يمثل شعبا أكثر من نصفه من أصول فلسطينية. وتحديد ما يراوح بين الربع والثلث للمنحدرين من أصول فلسطينية تتولاه الجهات التي تفرز تلك المجالس, وهي غير الشعب, لكون تلك الجهات تحتاج لوجود مشاركة فلسطينية في التصفيات الجارية للقضية الفلسطينية باسم المسار السلمي والمفاوضات. ويمكن بسهولة قراءة معايير انتقاء تلك "الكوتا" المتذبذبة, للمواقع النيابية وللمواقع الوزارية, من إصرار حكوماتنا الأخير على التنسيق حصريا مع أبي مازن وسلطته التي لا سلطة لها.. أي أنهم من لون محدد, وكلهم بلا سلطة.والحال الذي بلغه المجلس الحالي الذي -حتما- "هويته" لم تعد فلسطينية, يظهر من اضطرار نصف أعضائه مؤخرا إلى أن يعترفوا بسقوط هيبة المجلس, وبالذات لأنهم جلسوا أو أجلسوا عاجزين عن الرد على الكنيست حين ناقش قانون "الداد" في الكنيست، القانون الذي يقول إن "هذا هو الوقت المناسب لإقامة إسرائيل على الضفة الشرقية من نهر الأردن". ومعروف أن النخوة لا تأتي متأخرة, بل إن كل قوانين العالم تخفف من عقوبة جرائم تصل حد القتل إن جرت لحظيا لكون البشر معرضون لفورة دم.. ولا يوجد قانون يعترف بفورة دم تأتي بعد أشهر من حسابات الربح والخسارة.ما يحاوله هؤلاء النواب الآن هو إجراء عملية تجميل لوجوههم أمام قواعدهم التي نعتتهم بكل ما في قواميس كافة اللهجات المحلية من كل الأصول والمنابت. ولذلك فما قام النواب بفرزه باعتباره الأولى بالإصلاح في صورة مجلس كلها مشوهة, هو رئيس المجلس الذي يتعامل معه وكأنه "وسيّة" سيقت له بمن عليها, مكافأة على تواطؤ أسرته في"وادي عربة". ولكن الشارع بأغلبيته الساحقة غير مؤمن بالبدائل المطروحة أيضا, ويراها تغييرا في الوجوه دون النهج وتنافسا على مكتسبات المنصب غير المشروعة والمتضخمة.لهذا فالشارع غير مقتنع بجدية السعي للتغيير ويعتقد أنها مناورة إحلالية لبعض الوجوه وتحسين فرص بعض آخر في التفاوض بما يرفع ثمن التصويت. والشعب محق في هذا فتاريخ ما يسمى مجالس نوابنا في العقد الأخير وصل حد أن يعلن رئيس حكومة مكلف في ذات صحافتنا أنه "لن يدفع" مقابل التصويت له بالثقة, في اعتراف علني مكتوب بما كان معترفا به من قبل شفاهة ومعروفا ضمنا للجميع من أن من سبقوه دفعوا.. ولكنه عاد ودفع!!الحديث ليس عن "هوية أردنية" تتناقض مع "هوية فلسطينية", وليس حتما عن هوية الحكم بمعنى "سويته", بل هي عن هوية من يحتكرون حلقة الحكم, وما يتم السعي له الآن ليس أكثر من تكريس حالة لا تجد أي قبول من الشعب.الحديث إذًا ليس عن "هوية أردنية " تتناقض مع "هوية فلسطينية", وليس حتما عن هوية الحكم بمعنى "سويته", بل هي عن هوية من يحتكرون حلقة الحكم. وما يتم السعي له الآن ليس أكثر من تكريس حالة لا تجد أي قبول من الشعب, لضمان استمرارها في ظل أية تسوية تجري. ومن أهم مخاطر هذه المحاصّة الاستباقية أنها لم تعد معنية حقيقة "بأية تسوية تجري", وهو ما سنأتي إليه.ولكننا بداية سنعرض للسوية التي مثلتها "الهوية الأردنية" الأصل, للمقارنة. فأول تجسيد لهوية الشعبين المشتركة بعد الوحدة, جاء في صيغة مجلس نواب يفخر الجميع أردنيون وفلسطينيون بأدائه. فالمجلس الذي جمع نوابا يمثلون مناصفة فلسطين بكل ما كان يمور فيها آنذاك من قضايا سياسية وقضايا معيشية خدمية ملحة, والأردن بكل ما يتطلع إليه أهله سياسيا وما يفتقرون لأدنى حدوده خدميا, لم يجر فيه لا قبض ولا وهب, ولا تراشق نوابه بالأصول والمنابت والمتكآت وكاسات الماء والملوخية وتهم بيع أراضي فلسطين والأردن, ولم يصلوا حد رفع المسدسات على بعضهم وعض بعضهم, ثم شتم وضرب الصحافة لأنها تعكس صورتهم تلك.. فصورة ذلك المجلس كانت مشرفة من أية زاوية التقطت.وقد انعكست على الشارع السياسي وغير السياسي. وحتى الملاعب والمدارس التي كان "تلاميذها" مسيّسين بأكثر مما نرى بين "طلاب" جامعاتنا الآن, لم نكن نجد فيها أية قسمة فئوية ولا أي عنف أو إسفاف. ففي دولة المواطنة والقانون وحكم الشعب النيابي الدستوري, لا خوف من تطورات كارثية للخلافات الصغيرة التي تحدث في الملاعب أو بين طلبة.. إذ ليس هنالك داع لافتعال معارك في القاعدة لقبض أثمانها في المواقع العليا.بل إن ذلك المجلس الموحد في حماية مال الشعب وممارسة سلطته في محاسبة الحكم رفض بكل وقار وبعد نقاش من "سوية" عالية, إقرار مشروع الموازنة كما أحالته إليه الحكومة. ولهذا جرى حلّه!! ولكن حتى تداعيات حل ذلك المجلس تشكل مفخرة له ولسوية الشعبين الموحدين حينها, لكونها أنتجت دستور عام 52 الذي عاد وكرس هوية الشعبين الموحدة في وثيقة تاريخية قد يكون أمكن القفز عنها بطرق غير مشروعة, ولكنها وثيقة بقيت تكبر في نظر ووجدان الشعب بحيث انضم للمطالبة بالعودة لها قطاعات سياسية واسعة كانت تاريخيا ولعهد قريب تكفّر القول بالدستورية والديمقراطية.. وكون العودة لحكم الدستور هو أيضا مطلب رئيس للجماعة التي اختارت اسم "الوطنية الأردنية " للدفاع عن الأردن في وجه مخطط الوطن البديل, يؤشر في حد ذاته على تناقضات وقعت فيها تلك الجماعة, ربما "بفورة دم" نتيجة ما يحصل، وهو ما يستوجب العذر, ولكنه لا يغني عن التصحيح.ومن تلك التناقضات رفض هؤلاء الحديث عن وجود حقوق منقوصة لقطاع من الشعب, متسلحين بتبوؤ بعض من هم من أصول فلسطينية لمناصب قيادية. وفي هذا نعيد القارئ إلى أصول الحالة. فعندما جرى القفز عن حقوق الأردنيين في انتخاب ممثليهم وحكوماتهم, جرى التمهيد لقبول الوضع بتقريب انتقائي لزعامات شرق أردنية وتصنيفهم باعتبارهم قوى موالاة في مواجهة ذوي الأصول الفلسطينية الذين اعتبروا قوى معارضة.ومجرد قبول البعض بالقفز عن منظومة "الحقوق" واستبدال منظومة "عطايا" انتقائية بها, مكن من إعادة رسم خارطة الزعامات الأردنية ذاتها.. وفي الطريق إلى هذا جرت التضحية ببعض الزعامات الحقيقة الراشدة لصالح أخرى مستحدثة.. تماما كما تم تقريب أو تنصيب زعامات فلسطينية وإن بأعداد أقل, جرى انتقاؤهم من بين من ساعدوا على تمرير قرار وحدة الضفتين, ثم قرار الذهاب لمدريد ثم وادي عربة, توأم أوسلو الذي أوصلنا إلى هذا الحال.. وهو بمجموعه مما يوجب على "الوطنية الأردنية" أن تتوقف هذه المرة عند الأسباب قبل النتائج, لتشخيص المرض وعلاجه وليس التورط بتكريسه عبر ما يظن أنه تخفيف من أعراضه."التوطين المحدود" رؤية تراوح بين وجوب توسيع قاعدة مشاركة الأردنيين من أصول فلسطينية في الوظائف العامة والدرجات العليا, وبين أن يجري القبول بتوطين أعداد معينة من اللاجئين بإعطائهم جوازات سفر أردنية وكافة الحقوق الأخرى باستثناء الحقوق السياسية.فبعض هؤلاء بدؤوا يمهدون ويروجون لنية الأردن القبول "بالتوطين في حدود معينة"، مع أن الأساس هو عدم قبول "التوطين" وعدم قبول "إسقاط حق العودة" من حيث المبدأ, تماما كما يقال عن الخطيئة أو الجريمة, أو "الكفر والخيانة" كما يصف هؤلاء الكتاب أي تنازل عن حق العودة. ومع ذلك هم يعودون للخوض في ترتيبات هذا التوطين وحتى عن دراسات "منشورة وغير منشورة" تتضمن تقديرات لمن سيختارون البقاء في الأردن ويتنازلون عن حق العودة.. ويفوت هؤلاء أن يتبينوا أن المطلوب من الأردن, بداية, هو قبول التنازل عن "مبادئ", يسهل بعده أمر الأعداد والتوصيفات ما بين مهجري لجوء أو نزوح أو إبعاد (أي ترانسفير).والأخطر من هذا يتجلى في تفاصيل رؤية أولئك الكتاب التي يتطوعون بها (وليس فقط تبريرهم لما تنوي الدولة فعله) لكيفية تنفيذ ذلك "التوطين المحدود". وهي رؤية تراوح بين وجوب توسيع قاعدة مشاركة الأردنيين من أصول فلسطينية في الوظائف العامة والدرجات العليا بطريقة تحقق "عدالة أكبر", أي أن هؤلاء فعلا أردنيون ولكن بحقوق منقوصة لن تكتمل تماما، وبين أن يجري القبول بتوطين أعداد معينة من اللاجئين والنازحين (هنا تكون صفة الأردنيين قد نفيت عنهم مع أنهم مواطنون منذ قيام المملكة ويشملهم تعريف دستورها للمواطنة), بإعطائهم جوازات سفر أردنية وكافة الحقوق الأخرى باستثناء الحقوق السياسية. أليست الحقوق السياسة الضمانة الأولى والأخيرة لكافة "الحقوق الأخرى" لأي قطاع من البشر في أية بقعة من العالم؟؟ّّ!!والآن وبعد إعلان نتنياهو الصريح أن لا دولة بل "كيان" بلا سيادة, ولا حق عودة, بل إمعانه في إجراءات عدة توحي بتصاعد التفريغ الجاري للضفة ليلحق به الترانسفير من "الدولة اليهودية", ثم تصريح ليبرمان بأن لا ضرورة لحل القضية الفلسطينية لا الآن ولا لسنوات طويلة قادمة قد تمتد ستين عاما أخرى, أو لقرن آخر لكون عمر المؤامرة الصهيونية فاق قرنًا.. هل يجوز أن يترك من نزعت حقوقهم السياسية وجزء كبير من حقوقهم المدنية والإنسانية بسحب جوازات سفرهم بالتعذر بقرار فك الارتباط, في خانة الـ"بدون" وهم يعيشون داخل الأردن؟؟ما إمكانية تعايش طبقتين (السفلى منهما مرشحة للتزايد عدديا في موجات تهجير يعد لها منذ الآن) بمنظومتين للحقوق, أو ثلاث منظومات لكون بعضهما لن يملك الحق السياسي تحديدا, دون أن تشعل أصغر شرارة فتيل مواجهة تريدها إسرائيل, أو أية جهة عميلة تتكشف أوراقها فتعمد لخلط الأوراق أو تفجير الموقف كله لتتغطى بالمعمعة.. أليس هذا ما حدث في لبنان؟؟والأدهى أن قبولنا بكل هذه المخاطر لن يضع حدا لتدخل إسرائيل فينا, بدليل ما عرضه "الداد" على الكنيست, وبخاصة لكون اتفاقية وادي عربة لم تفد إلا بتوسيع دائرة التدخل في شؤوننا بانتهاك سيادتنا وحدودنا والسطو على ثرواتنا.. والأدهى من ذلك اعتبارنا بوابة لإسرائيل على العالم العربي لإلحاقه بحكمها دونما احتلال -لكونها لا تقدر على كلفة احتلال كيلومتر واحد جديد- بل عبر "التطبيع". وبيريز -الرئيس الإسرائيلي الحالي ومهندس مسيرة واتفاقيات السلام- هو الذي صرح عند حضوره قمة "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاقتصادية" في الدار البيضاء عام 1994 فور توقيع "وادي عربة", القمة التي قصد أن تكون أول دخول علني لإسرائيل للساحة الاقتصادية العربية, بأن "العرب جربوا قيادة مصر لثلاثين عاما, وعليهم الآن أن يجربوا قيادة إسرائيل"!!الشعوب العربية كلها في جانب وقف التعامل مع إسرائيل, بما فيها شعب "الشقيقة الكبرى". أما الشقيقة الكبرى الثانية, السعودية, فلديها فيما يبدو حصافة سياسية تجعلها تدرك أن خطر التطبيع يهدد وجودها بمثل ما بات يهدد به وجودنا. التطبيع هو مطلب إسرائيل الوحيد, ولأغراض الهيمنة على كل مقدرات العالم العربي, مع استمرار العبث بأمنه كي لا يستقر ويتفرغ لبناء ذاته. فإسرائيل كائن طفيلي يموت إن توقف عن العيش على غيره. والحل ليس في فتح أبوابنا لإسرائيل وإغلاق منافذ الحياة عن بعضنا.الحل في وقف كل هذه القسمة, والعودة لهويتنا الأساسية المجسدة في دستورنا الذي يوحد كل قوانا في ظل دولة المواطنة. افعلوا كما يريد ليبرمان أن يفعل.. جمدوها عند النقطة التي تخدمنا ولا تخدمهم, نقطة علاقات ما قبل وادي عربة.والشعوب العربية كلها في جانب وقف التعامل مع إسرائيل, بما فيها شعب "الشقيقة الكبرى".. أما الشقيقة الكبرى الثانية, السعودية, فلديها فيما يبدو حصافة سياسية تجعلها تدرك أن خطر التطبيع ليس لمجرد كونه سلاسل صفقات خاسرة, بل لكونه يهدد وجودها بمثل ما بات يهدد به وجودنا.

��� 9/17/2009

Jo-Daman.jpg

الحكومة تسطو على مئات ملايين الدنانير من مدخرات المواطنين لدى الضمان الإجتماعي

*موارد تخلفت عن سداد 40.9 مليون دينار قروض الضمان لها، والصندوق يبحث عن وسيلة لتحصيل حقوقه منها.

* الحكومة تورطت بكفالة سندات دولية "لموارد" بقيمة 145 مليون دولار وبدأت بدفع 14 مليون دولار اقساطا متخلفة عن السداد

* مساهمات "الضمان" في سرايا العقبة على المحك والمشروع يواجه صعوبة في التنفيذ

* "الضمان" استعادت 120 مليون دينار من اصل 150مليون دينار قرضا لمبادرة سكن كريم

* محاولة بيع اسهم "الاسكان" احد الشواهد التي تثبت تعرض "الضمان" لضغوطات للتخلي عن استثماراتها الناجحة

* الحكومة ضغطت على "الضمان" لشراء دابوق، وبعد موافقتها ودفعها للاموال المستحقة قبل اوانها.. الاتفاق مازال عالقا والارض لم تسجل لها بعد

* الاستثمار في المناطق التنموية في المفرق واربد سقط على ادارة "الضمان"، والعائد صفر لغاية الان

* محاولات فاشلة لاستدانة 100 مليون دينار لبناء سفارات في الخارج، واستثمار 200 مليون دولار في بورصة لندن

كشفت صحيفة "العرب اليوم" في عددها الصادر الثلاثاء عن سطو الحكومة على مئات ملايين الدنانير من مدخرات المواطنين لدى مؤسسة الضمان الإجتماعي، أو ممارستها ضغوطا على المؤسسة لإرغامها على تمويل مشاريع خاسرة، أو اقراض مشاريع غير قادرة على السداد، أو التخلي عن استثمارات ناجحة..!

الزميل سلامة الدرعاوي كتب التقرير التالي:

تنمية اموال الضمان الاجتماعي لا تكون بالتدخل في قرارها الاستثماري من قبل الحكومة او غيرها من الجهات شبه الرسمية، بل من خلال تعزيز استقلاليتها، فأموال الضمان هي اموال الشعب وليست اموال الحكومة كما يعتقد بعض المسؤولين الذين يحاولون التغول على تلك المؤسسة الوطنية الكبرى.الكل يعلم ان معظم مشاكل الضمان السابقة في ما يتعلق باستثماراتها الخاسرة في السنوات السابقة كانت نتيجة هيمنة القرار الحكومي على المؤسسة من دون الاخذ بعين الاعتبار الجدوى الاقتصادية للمشاريع، وقد تراكمت تلك الخسائر وباتت محفظة الضمان الوسيلة التي تمكن اصحاب النفوذ من تمرير صفقات بعضها اثار جدلا واسعا في الشارع العام.اليوم بات للضمان صندوق استثماري بادارة مستقلة وفق القانون الجديد وهو استكمال للوحدة الاستثمارية التي تعزز استقلالها كثيرا في السنوات القليلة الماضية، ونتيجة لذلك حققت الوحدة سابقا او الصندوق حاليا نموا ملحوظا في موجوداته بعد ان سيطرت الكفاءة والمصلحة العامة على اي قرار استثماري.صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي يمتلك موجودات تقترب من 4.6 مليار دينار تتوزع ما بين 588 مليون دينار في محفظة ادوات سوق نقدية، و945 مليون دينار في محفظة السندات واكثر من 122 مليون دينار قروضا منحتها المؤسسة وما يقارب الـ 26.6 مليون دينار اموالا يتم استخدامها للمتاجرة بالاسهم في بورصة عمان، علما ان قيمة محفظة الاستثمارات في الاسهم الاستراتيجية تناهز الـ 2.304 مليار دينار تتوزع في غالبيتها حصص مؤثرة في 10 شركات كبرى،وهناك 180.9 محفظة للمساهمات الخاصة و323.2 مليون دينار قيمة المحفظة العقارية، و36.3 مليون دينار تقريبا قيمة محفظة الاستثمارات الخارجية.

سيولة عالية وموجودات كبيرة

الهيكل المالي لصندوق اموال الضمان يدلل بوضوح على مدى المتانة المالية العالية التي يمتلكها صندوق مدخرات الاردنيين، خاصة في ظل الظروف المالية الصعبة التي يشهدها الاقتصاد الاردني بشقيه; القطاع الخاص والعام، حيث بدا واضحا الضعف المالي الذي يلقي بظلاله عليهما مما انعكس سلبا على معدلات النمو الحقيقي للاقتصاد الذي لم ينم اكثر من 2 بالمئة في الربع الاول، وهو انعكاس طبيعي لمؤشرات سلبية حادة تعاني منها الخزينة العامة بعد ارتفاع المديونية وازياد العجز وشح السيولة وتأخر انجاز المشاريع وتوقف عملية تحول الاصول الى نقد مما عزز حالة التباطؤ في الاقتصاد.السيولة المالية العالية في محفظة اموال الضمان قد تدفع بعضالمغامرين الحكوميين او مسؤولين تساقطوا على العمل الرسمي ب� البراشوتللنظر الى اموال الضمان باعتبارها رديفا للمال العام ويحق استخدامها في مشاريع حكومية يروجونها باعتبارها ركيزة اساسية للتنمية.ولذلك فان اموال الضمان الاجتماعي او مدخرات الاردنيين تتعرض بين الحين والاخر الى ضغوطات مباشرة او غير مباشرة لاستثمارها هنا او هناك، علما ان القرار الاستثماري يجب ان يبقى حصريا في ادارة الصندوق، ويكون القرار مبنيا على دراسات جدوى حقيقية تعزز من عملية التنمية المستدامة.

شواهد حدثت مع الضمان

في السنوات القليلة الماضية بدا للرأي العام ان اموال الضمان معرضة للتغول عليها من جهات متنفذة كادت ان تؤدي الى الحاق خسائر مادية كبيرة بمحفظة الضمان بوساطة تمويل مشاريع غريبة على الاقتصاد الاردني وغير واقعية ولا تشكل اولوية.العجز المالي الذي تنامى في الخزينة العامة بسبب سياسات الإنفاق غير الرشيدة التي اتبعتها الحكومات المختلفة والهرع نحو عمليات اقتراض خارجية وداخلية وصلت الى مستويات قياسية غير مسبوقة دفعت بعض المسؤولين الفهلويين الى البحث دائما عن اموال لتمويل مشاريع نتاج افكارهم وحدهم، وهنا كانت اموال الضمان تثير لعاب هؤلاء المسؤولين الذين باعوا موجودات الاردن بثمن بخس في برنامج التخاصية مقابل ما يقارب الملياري دينار واستخدامهما في سداد جزء بسيط من ديون نادي باريس في صفقة ما زالت تثير التساؤلات حول جدواها وتوقيتها، والكثير من المراقبين يرونها انها اضاعت اموال الاردنيين من دون اية جدوى خاصة مع عودة الدين العام للارتفاع وتجاوزه سقف الـ 14 مليار دولار، وقد بدا واضحا ان هناك محاولات متكررة للسيطرة على اموال الضمان وتوجيهها نحو مشاريع محددة ليست لها صلة بمفهوم التنمية، فالشواهد كثيرة وتدلل على ان الضمان بحاجة الى ضمان على امواله.

100 مليون دينار لبناء سفارات في الخارج

الجميع يتذكر حالة الهلع الحكومية التي اصابت بعض الوزراء بالضغط على ادارة الضمان قبل اعوام قليلة لاستدانة 100 مليون دينار منه من اجل بناء مقرات دائمة للسفارات الاردنية في الخارج واقامة سكن للسفراء في خطوة اثارت استياء الرأي العام حول هذا المشروع الغريب حينها، والترويج للفكرة على اعتبار انها افضل واضمن استثمار، فاي عائد استثماري سيتحقق من هذه العمل اذا كان الطلب الذي تقدم به وزير المالية حينها لاستدانة الـ100 مليون دينار من الوحدة الاستثمارية يطلب فيه ان تكون فائدة القرض مخفضة عن سعر السوق؟.واي فائدة كان سيجنيها الضمان من ضخ 100 مليون في سوق العقارات الخارجية التي تهاوت بعد شهور قليلة في اسوأ ازمة عالمية شهدها الاقتصاد الدولي، والتي ادت الى شل حركة العقارات بعد ان فقدت اكثر من 50 بالمئة من قيمتها، وكان من حسن حظ الضمان ان المشروع تعطل وإلا لتبخرت امواله في الخارج.

200 مليون لمحفظة عقارية في لندن

قبلها بشهور قليلة تعطل في ادراج رئيس الحكومة سنة 2008 مشروع خفي تسلل الى مجلس الوزراء يقضي باستثمار 200 مليون دينار من اموال الضمان في محفظة استثمارية عقارية في بورصة لندن، ولم يتمكن احد من الاطلاع على تفاصيل المشروع حينها او تفاصيله، وكل ما في الامر ان من قام بالترويج له ضغط على الجهات الرسمية المختلفة لاستثمار هذا المبلغ قبل فوات الاوان واستغلال الفرصة التي لا تعوض حسب رأيه، وبعدها باشهر قليلة حدثت الازمة المالية العالمية، حمى الله الضمان من فخ استثماري جديد.

الاستثمار في المناطق التنموية... حبر على ورق

أما فيما يتعلق بالاستثمار في مشروع المفرق التنموي واعتباره فرصة نادرة، فللاسف كان قرار الضمان الدخول بالمشروع مفاجئا وبات واضحا للرأي العام ان مساهمته في رأسمال الشركة البالغ حوالي 100 مليون دينار كان بفعل قوى ضاغطة نجحت بالصاق المشروع في الضمان علما ان دراسات الجدوى الاساسية للمنطقة التنموية في المفرق كانت تفتقر للاسس الصحيحة، وكانت مترجمة عن خطط تنموية في الخارج جرى نسخها من قبل البعض وتسويقها داخليا.وفي السياق نفسه دخل الضمان في مشاريع اربد التنموية من دون ان يساهم هو في اطلاق المشروع او يتبناه استثماريا.

محاولة بيع اسهم الضمان في الاسكان..صفقة مشبوهة

الكل يتذكر كيفية الضغط المباشر وغير المباشر على الضمان لبيع اسهمها في شركات حيوية رئيسية للاقتصاد الوطني قبل اشهر قليلة ومنها بنك الاسكان الدولي، وقد رفض مجلس ادارة صندوق الضمان حينها عرضا من احدى الشركات الخليجية لشراء كامل حصته في بنك الاسكان البالغة 38.8 مليون سهم او ما نسبته 15.4 بالمئة من رأسمال البنك بسعر 8.4 دولار للسهم في خطوة اعتبرها مراقبون انها دليل واضح على ايمان الصندوق بتعزيز استثماراته في الشركات الاستراتيجية وبنك الاسكان على رأس تلك الاستثمارات بالنسبة للضمان، خاصة انه الجهة الاردنية الوحيدة التي تمتلك حصة كبيرة في البنك حيث ان اكثر من 75 بالمئة من اسهم البنك تعود ملكيتها لغير الاردنيين، ناهيك عن ان البنك يحقق عائدا للضمان بحدود الـ 25-30 بالمئة ومن المتوقع ان ترتفع هذه النسبة الى اكثر من 35 بالمئة هذا العام.قصة بنك الاسكان ورفض عرض الشركة الخليجية يجب ان يُدعم من قبل الحكومة لا ان تتدخل وتلقي باللوم على الضمان بأنه اضاع فرصة بيع اسهم بقيمة 500 مليون دولار، وتبدأ بعض الاتصالات والضغوطات على الضمان بضرورة تغيير موقفه والقبول بالصفقة الكبيرة حسب رأيهم، والحقيقة ان الصفقة لم ولن تكون مغرية لا من حيث قيمتها المادية ولا من حيث اضافتها الاستثمارية، فسعر السهم في البورصة يكاد يكون اعلى من قيمة العرض، وكما هو معلوم لدى الجميع فان الشركة التي تقدمت بالعرض ويقيم وكلاؤها صلات قوية مع جهات متنفذة في الاردن تريد شراء اسهم الضمان في البنك لبيعها من جديد لاحد الصناديق الخليجية التي تمتلك حصة كبيرة في البنك، بمعنى اننا امام سماسرة لا مستثمرين.

دابوق.. تغول رسمي صريح

لا يحق الضغط على الضمان من اجل تشليحه اسهمه في الشركات الاستراتيجية المدرة للدخل والضغط عليه لابرام صفقات مع جهات رسمية واستنزاف امواله في مشاريع غير مجدية وليست من اختصاص الضمان نفسه كما هي الحال في صفقة تملك اراضي دابوق.رغم ان الضمان ابرم اتفاقية التملك لاراضي دابوق ومبانيها قبل ثلاثة اشهر تقريبا، ودفعه للمستحقات المالية عليه قبل اوانها والبالغة حوالي 124 مليون دينار، الا انه ولغاية الآن لم يتم تسجيل الارض باسمه والمعلومات تشير ان هذه العملية قد تتأخر بسبب مفاوضات بالكواليس تجري بين جهات حكومية والضمان بهدف تنازل الضمان عن جزء كبير من اراضي دابوق لصالح الحكومة.

قرض لسكن كريم .. التراجع عن الخطأ فضيلة

وضمن نفس العقلية الرسمية تجاه اموال الضمان لجأت الحكومات الى معالجة فشل مبادرة سكن كريم الى الاقتراض من الضمان 150 مليون دينار لتمويل عمليات البناء وتخفيض اسعار الفائدة في مشروع ولد ميتا منذ يومه الاول، وضغطت الحكومة على ادارة الضمان للحصول على سعر فائدة مخفض ونجحت في ذلك حيث منحت الضمان فائدة نسبتها 9 بالمئة علما انها كانت في السوق 11.5 بالمئة وبعد اشهر ضغطت الحكومة مرة اخرى وخفض الضمان الفائدة الى 7.75بالمئة.ونتيجة عدم وجود اساس اقتصادي سليم لمشروع مبادرة سكن كريم وعدم انجاز المخططات بالشكل الذي اطلقت عليه، قام الضمان بسحب 120 مليون دينار وهو الرصيد المتبقي من القرض الموجه الى مؤسسة الاسكان والتطوير الحضري، وكانت هذه محاولة واضحة للعيان لاقحام الضمان في مشاريع فاشلة، وبدلا من محاسبة القائمين على ملف سكن كريم تدور الرحى على الضمان للمساهمة في المشروع بشكل او بآخر بين الحين والاخر، ولغاية الان لم تنجح تلك المحاولات.

الضمان ليس بنكا

تلك المحاولات دفعت ادارة صندوق اموال الضمان الى ايقاف عمليات الاقراض المباشرة بعد ان بدأ بعض الوزراء بطلب سلف لوزاراتهم وكأن صندوق الضمان بات بنكا يقرض المتعثرين الرسميين الذين اغلقت البنوك التجارية ابواب الاقتراض امامهم.الضمان الذي ضغطت جهات رسمية عليه قبل اعوام للحصول على قروض لشركات شبه رسمية يعاني اليوم من ازمة في محفظة التسهيلات الممنوحة لبعض العملاء الرسميين الكبار بعد ان تعثرت مشاريعهم."موارد" تعثرت عن السداد.. من يحمي اموال الضمان؟مؤسسة استثمار الموارد الوطنية وتنميتهاموارد انضمت هي الاخرى الى قائمة العملاء المتخلفين عن سداد التزاماتهم المالية ومنهم الضمان الاجتماعي الذي منحها قرضين بقيمة اجمالية تبلغ 40.9 مليون دينار ناهيك عن وجود سندات بقيمة 10 ملايين بكفالة الحكومة، وقد تعثرت موارد وتخلفت عن السداد ولم تستطع الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الضمان علما ان هناك ضمانات كافية للضمان في حال التعثر كما هو حاصل الان، ومؤسسة موارد مؤسسة شبه رسمية. فهل سيباشر الضمان اجراءاته القانونية لتحصيل امواله من تلك المؤسسة ام سيتعرض لضغوطات من اجل التغاضي عن حقوقه وتأخيرها الى اشعار اخر؟."موارد" التي تمتلك مشروع العبدلي مع مجموعة الحريري غير قادرة على استكمال تنفيذ المشروع، والخلافات بين الشركاء وصلت الى مراحل جديدة خاصة مع الاقتراب من انتهاء عقد مقاولة المشروع الذي تنفذه شركة سعودي اوجيه وهي ذات المقاول الذي ينفذ مشروع سرايا العقبة.ولا يبدو في الامد القصير ان موارد قادرة على انجاز مشاريعها او سداد التزاماتها للضمان حيث تعاني الشركة من تعثر مالي كبير وتخلف عن سداد اقساط لسندات دولية بقيمة 145 مليون دينار بضمان وكفالة الحكومة التي ستقوم قريبا في سداد اول قسطين متعثرين عن موارد بقيمة 14 مليون دولار، لان تخلف الحكومة عن السداد سيؤدي الى تخفيض مرتبة الاردن الائتمانية.سرايا.. مساهمات غير مدروسة ومشاريع متعثرةشركة سرايا العقبة التي تم تأسيسها سنة 2004 وساهم الضمان في رأسماله بقيمة 50 مليون دينار حينها بعد سلسلة متواصلة من الضغوطات الرسمية عليه للدخول في الشركة التي لم تستكمل مشروعها في العقبة وباتت عاجزة عن استكماله بسبب المديونية العالية وعدم قدرتها على الاقتراض سواء من الداخل او الخارج، وهو امر دفع مساهميها الى زيادة رأسمالها الى 250 مليون دينار، وكان الضمان رفض المساهمة في الزيادة لاسباب اقتصادية بحتة، وبعد سلسلة ضغوطات مباشرة وغير مباشرة وافق الضمان على زيادة حصته بمقدار 35 مليون دينار الا انه اشترط شروطا عدة لاستخدام تلك الاموالتلك مسألة تثير القلق في حال عدم تمكن الضمان من تحصيل حقوقه من تلك الشركات او المؤسسات لان التغاضي عنها سيدفع الاخرين الى التنصل من التزاماتهم وتكون مدخرات الاردنيين قد بدأت بالتبخر بعد ان استخدمتها جهات في اوجه غير صحيحة، فمن سيحمي الضمان من التغول على امواله من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية معا؟.لا شك ان الضمان يتعرض اليوم لضغوطات خفية من جهات رسمية على قراره الاستثماري، وعلى ما يبدو ان هناك عقليات تنظر لاموال الضمان على أنها تحت تصرفها بحكم الولاية الرسمية للحكومة، والواقع ان حماية الضمان هي اولى اولويات الحكومة اذا ارادت الحفاظ على مكتسبات ومدخرات الاردنيين.وعلى الضمان في نهاية الامر ان يوضح للرأي العام بكل شفافية اية عمليات بيع او شراء يقوم بها، فهناك مئات الآلاف من الاردنيين وضعوا مدخراتهم في تلك المؤسسة، ولا تحقق استقلالية الضمان اليوم سوى الشفافية وتعزيز المساءلة عن اي قرار استثماري للضمان، ويكفينا في الاردن اشاعات هنا وهناك حول الكواليس التي تقف خلف القرارات الاستثمارية التي اتخذت في الآونة الاخيرة.

���� 9/13/2010

الخيار الاردني ستة خيارات

نقولا ناصر

كانت استضافة الملك عبد الله الثاني وفداً من الشخصيات المقدسية على مأدبة افطار اواخر الشهر الفضيل احدث مؤشر الى ان الاردن ليس كما قال الكاتب الصحافي الاردني المخضرم طارق مصاروة مؤخرا، "لم نعد قادرين على التوحد بالقضية الفلسطينية"، وأن المملكة لاسباب موضوعية ليس اقلها املاءات الجغرافيا السياسية لا تملك خيارا الا ان يكون لها خيار ودور اساسي في القضية الفلسطينية. لذلك فإن "الخيار الاردني" بأي صيغة كان سوف يظل على جدول اعمال "عملية السلام" لفترة طويلة مقبلة، ولا يسع صانع القرار الاردني او الفلسطيني الا ان يتعامل معه، ومن الواضح ان ذلك يحدث فعلا لكن في اطار صراع محتدم بين خيار اردني "وطني" وبين خيار اردني تجري محاولات لفرضه على المملكة من الخارج. ففي دوائر كل الاطراف المعنية بالتوصل الى تسوية سياسية للصراع العربي - الاسرائيلي في فلسطين احتل "الخيار الاردني" دائما ويحتل الان مكانة مركزية، وهذا "الخيار - الدور" ليس واحدا بل هو خيارات تأتي في صيغ وأشكال متعددة من مصادر متعددة، لكن الرفض الاردني القاطع "للخيار الاردني" بصيغه الاسرائيلية المختلفة، والرفض الاردني للمحاولات الحثيثة التي لم تتوقف يوما لـ "فرض" خيار اردني من الخارج على المملكة، هو رفض يكاد يحجب حقيقة وجود صيغ "وطنية" اردنية وأخرى فلسطينية وعربية للخيار الاردني يزيد في حجبها الاجماع الاردني - الفلسطيني على رفض الصيغ الاسرائيلية الخارجية التي يحاولون فرضها على هذا الاجماع.لقد اعلن الملك ان اقامة دولة فلسطينية في اطار "حل الدولتين" ضمن سلام شامل في المنطقة هو "استراتيجية اردنية"، وفي هذا الاطار يوجد "خيار اردني" وطني معلن وواضح. وهذه الاستراتيجية مع عوامل اخرى قضت الى غير رجعة على "الخيار الاردني" بصيغه التي وصفها شموئيل بار في ورقة له الى مؤتمر هرتزليا قبل بضع سنوات بـ "الكلاسيكية"، لكنها لم تستبعد الى غير رجعة الصيغ "المستقبلية" لخيار اردني.والقاسم المشترك بين كل الصيغ الخارجية التي تجري محاولات فرضها هو انها جميعها تدور في اطار الحل الاميركي - الاسرائيلي "الامني" للصراع، ومن هنا الحديث عن دور امني للاردن باعتباره "ضمانة" لاي اتفاق فلسطيني - اسرائيلي يتم التوصل اليه. وقاد الرفض الاردني القاطع للقيام بأي دور كهذا الى البحث عن بديل "دولي" له، ومن هنا اقتراحات ان تقوم قوات اميركية او دولية في اطار الامم المتحدة او خارج هذا الاطار بالدور الاردني "الامني" المقترح الذي ترفضه المملكة، ومع ذلك ما زال هناك من يقترح "مشاركة اردنية" في هذه القوات الدولية. وكل هذه الاقتراحات تؤكد بأن هناك دورا اردنيا لا يمكن الاستغناء عنه، بحكم الجغرافيا السياسية والارتباط التاريخي الوثيق بين المملكة والصراع الدائر في فلسطين، خصوصا في ضوء شبه استحالة التوصل الى اتفاق فلسطيني - اسرائيلي "ثنائيا"، وقد حان الوقت كي يبدأ الجدل الوطني الاردني والفلسطيني على حد سواء في صياغة "خيار اردني" نابع من المصالح الوطنية والقومية العليا للشعبين الشقيقين والامة قبل ان تجد الصيغ الخارجية في غياب اي صياغة كهذه مجالا لفرض نفسها. ان استذكار رئيس مجلس الاعيان الاردني طاهر المصري لـ "وحدة الضفتين" في مناسبة عيد الاستقلال الماضي واستشراف رئيس الوزراء الاسبق عبد السلام المجالي في السنوات القليلة الماضية لفدرالية او كونفدرالية سياسية اردنية فلسطينية يمثل استشعارا مبكرا، او ربما متأخرا، بالخطر المحدق الذي قد ينجم عن عدم وجود خيار اردني وطني لعلاقات لا يملك الاردن خيار الانفكاك عنها.لقد لفت النظر مؤخرا انقشاع وهم "عملية السلام" عن اعين اثنين من اركانها احدهما اردني والثاني فلسطيني، الاول وزير الخارجية الاردني الاسبق وأول سفير للمملكة في اسرائيل ونائب رئيس الدراسات في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي حاليا مروان المعشر، الذي كتب في الخامس من الشهر الجاري (فايننشال تايمز البريطانية) بأن حل الدولتين لم يعد صالحا وبأن خيار اقامة دولة فلسطينية قد "اختفى" وينبغي "التخلي" عن المفاوضات "الثنائية" للحل لان "شروط التسوية الثنائية ليست موجودة في الوقت الحاضر" و"من غير المرجح ان يغير ذلك" استئناف المفاوضات الثنائية "بغض النظر" عن الامال الكبيرة للادارة الاميركية في احتمال حدوث ذلك. أما الثاني فهو الدبلوماسي الفلسطيني المخضرم السفير عفيف صافية في كتابه الصادر حديثا في لندن باللغة الانجليزية بعنوان "عملية السلام: من الاختراق الى الانهيار"، والعنوان في حد ذاته غني عن البيان. يقول صافية انه لا يوجد خيار اردني "واحد، بل ستة خيارات اردنية متضاربة ومتنافسة. وكل منها يمثل تحديا في حد ذاته". ومع ان حديثه عن هذه الخيارات ورد في محاضرة له في الولايات المتحدة الاميركية عام 1986 ، فإن تضمينها كتابا صادرا في سنة 2010 يفسر تعليقه عليها في الكتاب بقوله: "إن الخيارات الستة جميعها تبدو في الظاهر احتمالات مقبولة للمستقبل". وقال المؤلف ان ثلاثة منها "إسرائيلية" واثنين منها "أردنيان" وواحدا "صادر عن منظمة التحرير الفلسطينية". والخيارات "الاسرائيلية" هي:1 - في اوساط واسعة من اليمين الاسرائيلي، ما زال كثيرون يعتقدون بأن نهر الاردن ليس الحدود النهائية لأرض اسرائيل. وهم يعتبرون شرق الاردن جزءا لا يتجزأ من ارض الميعاد التي قسمتها بريطانيا العظمى تعسفيا في اوائل العشرينايت (من القرن العشرين)... وتعتبر اي توسع في ذلك الاتجاه مشروعا. وتوجد حاجة فقط لظروف مواتية في المستقبل لجعل هدف مرغوب فيه كهذا ممكنا او مجديا.2 - وفي الشريحة نفسها من الطيف السياسي الاسرائيلي، فإن الجنرال (رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ارييل) شارون غالبا ما صرح علنا بأن حل المشكلة الفلسطينية يوجد وراء نهر الاردن. وبالنسبة له... الاردن هو فلسطين. ويجب إعطاء الاردن الى الفلسطينيين. وأولئك الذين ما زالوا في مناطق تحت السيطرة الاسرائيلية سوف تكون لهم دولة خاصة بهم وسوف يتم تشجيعهم على الاستيطان... هناك. وهذا الحل للمشكلة الفلسطينية في رؤية شارون.. يقصي الاسرة الهاشمية (انظر كتاب محمد حلاج وشيلا ريان، فلسطين موجودة، لكن ليس في الاردن، مطبوعات جمعية خريجي الجامعات العرب الاميركيين - هامش المؤلف).3 - ويوجد سيناريو اسرائيلي ثالث، تجري دراسته على نطاق واسع في اطار حزب العمل، وهو تسوية اقليمية مع الاسرة الاردنية المالكة. وتوجد سلسلة واسعة متنوعة من الصيغ لاعادة المناطق ذات الكثافة السكانية من الضفة الغربية الى الاردن من اجل تجنب الخطر الديموغرافي على النقاء العرقي للدولة اليهودية. ويتم تعويض الاحتفاظ (الاسرائيلي) بأكثر من خمسين في المئة من اراضيها (أي الضفة الغربية) بالتبرع بأجزاء من قطاع غزة الى الاردن."والخياران "الاردنيان" هما: 4 - في بعض الاوساط النافذة في عمان، يعتقد البعض بأن حال الاردن ستكون افضل اذا تخلص من عبئه الفلسطيني. فالاردن بحدوده المقلصة بعد عام 1967 قد اثبت ان له كيانا اقتصاديا قابلا للحياة. وهم يقترحون أردنة الاردن في كل النواحي.. وسيخير المواطنون من اصل فلسطيني بين الولاء اما لمنظمة التحرير الفلسطينية او للحكومة الاردنية". والخيار الثاني هو 5 - ويدعو اتجاه سياسي اخر الى فكرة مملكة عربية متحدة على كلا ضفتي نهر الاردن، حيث سيتمتع كيان فلسطيني في وضع يعقب التوصل الى تسوية بدرجة معينة من الحكم الذاتي الاداري - السياسي ليفرق بذلك بين مستقبل ما يزال مجهولا وبين ماض ما زالت الذاكرة تعيه."أما الخيار "الصادر عن منظمة التحرير الفلسطينية" فهو 6 - هذا الخيار الذي بادر اليه ياسر عرفات نهاية عام 1982 ، صادق عليه المجلس الوطني الفلسطيني في شباط 1983 وهذه السياسة تدعو الى كونفدرالية في المستقبل بين فلسطين والاردن. شراكة متساوية بين كيانين يتمتعان بالسيادة، نابعة من اختيارهما الحر والطوعي كما تعبر عنه المؤسسات السياسية لكل منهما. وينظر الى هذه الصيغة بأنها ذات فائدة متبادلة على كل المستويات، وسوف تكون كذلك اذا ما تم التعامل مع الموضوع بكليته تعاملا صحيحا. وتلك الكونفدرالية يمكن ان تكون نواة لعملية تكامل بين العرب في المستقبل تدشن عصرا جديدا من الحكم بالاتفاق بدلا من الحكم بالاكراه."

nicolanasser@yahoo.com

* كاتب عربي من فلسطين

��� 9/13/2010

شاكر الجوهري

ارشيف الكاتب

نقولا ناصر

ارشيف الكاتب

فهد الخيطان

ارشيف الكاتب

موفق محادين

ارشيف الكاتب

رنا صباغ

ارشيف الكاتب

عريب الرنتاوي

ارشيف الكاتب

خطوط التلاقي والافتراق في (طباق)

نضال حمد

ارشيف الكاتب

بسام حدادين

ارشيف الكاتب

معن بشور

ارشيف الكاتب

مقاومة وممانعة وعرقلة

موفق محادين

في مواجهة المعسكر الاميركي- الصهيوني يتوسع المعسكر الاخر يوما بعد يوم تحت تأثيرات ومصالح مختلفة تتراوح بين المقاومة والممانعة والعرقلة.1- المقاومة ممثلة بحزب الله والجهاد الاسلامي وحركة حماس والفصائل الفلسطينية التي ترفض سياسات رام الله.2- الممانعة، ممثلة بالموقف السوري والقوى التي ترفض اوسلو انطلاقا مما تسميه بقرارات الشرعية الدولية التي تطالب بالانسحاب (الاسرائيلي) الى حدود ما قبل عدوان حزيران 1967 واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة.3- قوى العرقلة وهي خليط من عواصم وكتل اجتماعية وقوى سياسية، يساهم موقفها وتساهم مصالحها المتضررة من سياسات المعسكر الاميركي- الصهيوني وتحالفاته العربية، في اسناد موضوعي، غير مباشر، لمعسكر المقاومة والممانعة ومن هذه القوى الرسمية ما تعبر عنه السياسات التركية بين الحين والحين، وكذلك عواصم مثل الخرطوم، والدوحة اما على صعيد الكتل الاجتماعية فالابرز هنا هو القوى المتضررة من سياسات تحطيم القاعدة الاجتماعية السابقة للدولة البيروقراطية الريعية في اكثر من بلد وحالة.ويستدعي فهم قوانين الصراع والوحدة وفن ادارة هذه القوانين استعادة ما كتبه المفكر الاشتراكي الايطالي حول الكتلة التاريخية لاستنباط تحالف فعال لا يلغي المسافات الايديولوجية والطبقية ولا طبيعة التناقضات الموضوعية، ويسعى في الوقت نفسه لتحقيق هذا التحالف وتحديد مهامه، وقيادته وبرنامجه انطلاقا من المصالح والقواسم المشتركة التالية:1- العلاقة بين الكفاح من اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاقتصاد المنتج وفك التبعية، وبين الكفاح ضد منظومة المصالح الاميركية -الصهيونية.2- استبدال الشرق الاوسط الاميركي- الصهيوني القائم على النهب وتفجير المنطقة الى تناحرات مذهبية واثنية، بشرق اوسط تعددي ديموقراطي متصالح من امم وشعوب المنطقة (عرب وترك وفرس واكراد وارمن.. الخ)وبدلا من كونفدرالية الاراضي المقدسة التي يطرحها العدو الصهيوني لتكريس هيمنته ودوره الاقليمي، يمكن التفكير بكونفدرالية اقتصادية ثم سياسية بين العرب وامم وشعوب المنطقة الاصلية التي لا مكان فيها للمشروع الصهيوني.

mwaffaq.mahadin@alarabalyawm.net

�� 9/9/2010

(عيدية) ساخنة من المتقاعدين العسكريين: التأكيد على بيان 1 أيار، واستمرار مشاورات المؤتمر الوطني، ومطالبة الأردنيين بتحمل مسؤولياتهم

كل الأردن- أصدرت اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين تصريحاً صحفياً بمناسبة عيد الفطر السعيد، هنات فيه الأردنيين بالعيد، وطالبتهم بتحمل مسؤولياتهم إزاء التحديات التي تهدد الأردن.وتالياً نص التصريح:

بسم الله الرحمن الرحيم

تهنئة من اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين إلى الشعب الأردني بمناسبة عيد الفطر المبارك

الله�� الوطن�� الملك

إلى النشامى والنشميات من أبناء شعبنا الأردني الحر الكريم الطيب،السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أما وقد انقضى شهر رمضان المبارك وأقبلنا على عيد الفطر فإننا نتوجه إليكم بالتهنئة بحلول العيد. ونتمنى أن يعيده الباري -عزت قدرته- عليكم وعائلاتكم وقد تحررت إرادتكم وملكتم نواصي أمور مستقبلكم بكل ما فيها من الكبرياء والعزة والكرامة الوطنية.أيها الأهل الأخيار والأطهار،بعد أن أصبح بيان الأول من أيار وثيقة وطنية في ضمائركم ووجدانكم من أجل أردن قوي عزيز كريم وهو البيان الناصح الأمين الذي جاء لتصحيح الواقع المأزوم في بلدنا وعلى شعبنا فإننا نجدد العهد، لكم وبكم، أن يكون هذا النداء خارطة الطريق الواضحة المعالم، وفي بدايتها إعادة ترميم العقد الاجتماعي ما بين الأردنيين والنظام، والعودة لدستور 1952، وتفعيل قرار فك الارتباط، الذي يحمي الهويتين الأردنية والفلسطينية الشقيقة، ومكافحة الفساد والمفسدين، وإعادة أصول الدولة التي نهبت وبيعت بثمن بخس.وعليه فإن إخوانكم في اللجنة الوطنية يناشدونكم بالعمل كل في موقعه للمساهمة بتنفيذ كل ما ورد في بيان الأول من أيار، اقتداء بقوله (ص) "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".ونؤكد لكم أننا ماضون قدماً بإرادة الله ودعمكم بعقد المؤتمر الوطني الأردني، والذي يعتبر امتداداً للمؤتمرات الوطنية التي عقدها الآباء والأجداد الغر الميامين. وقد شرعت اللجنة في إجراء الاستعدادات والتحضيرات والاتصالات مع كافة الشرفاء من أبناء الوطن لإعداد الأوراق الوثائقية التي ستضع النقاط على الحروف بكل جرأة وصراحة ووضوح.أما بالنسبة للحكومة غير المقنعة والتي تنتهج سياسات تتحدى فيها إرادة الأردنيين والذي ظهر من خلال إصدار قانون انتخابات قاصر ومتخلف لا يتفق مع رؤى الشعب الأردني العظيم، ولا يحقق طموحاته بالحرية بالحرية والحياة الكريمة، خاصة ونحن نلج القرن الحادي والعشرين.كما أن فرض الضرائب على الفقراء والتخفيف عن الأغنياء وتجويع الأردنيين وافتعال الأزمات مع الشعب والمؤسسات الاجتماعية يهدف هذا كله لإلهاء المواطنين عما يدور في الصالونات المغلقة من عقد الصفقات الخارجية والداخلية على حساب الوطن وشعبه، والتي تصب في جعل الأردن وطناً مستباحاً لكل من هب ودب، وموطناً للفقر والبطالة. وهذا ناتج عن توزير وتوظيف من لا يعرفهم الأردنيون ولا يعرفون تاريخهم، وهم ليسوا أهلاً للمسؤولية الوطنية في إدارة الدولة ومؤسساتها، مما انعكس سلباً على هيبة الدولة والأمن الوطني الأردني الذي أصبح يتعرض للخطر.مرة أخرى نهنئكم بحلول العيد المبارك، ونتمنى أن نصلي سوية العيد القادم في الأقصى الجريح وقد تحرر من براثن العدو الصهيوني وعادت فلسطين إلى أهلها الشرفاء حرة عربية.اللهم فاشهد، فاشهد، إننا قد بلغنا ما قالته حروف التاريخ بأن من يتحدى إرادة الشعب فهو الخاسر، الخاسر الأكبر.وكل عام وأنتم بألف خير.اللجنة الوطنية العليا للمتقاعدين العسكريين

عمان 8/أيلول/2010 الموافق 29/رمضان/1431

الاردن:

ضجيج في المعارضة حول ترتيبات 'غامضة' لحل الصراع على حساب المملكة

بسام البدارين:

2010-09-13

عمان ـ 'القدس العربي' لا احد في عمان يعرف حتى الان ما هي بصورة محددة 'الترتيبات' التي يتحدث عنها الاسلاميون في نطاقهم الداخلي على اساس انها السبب الرئيسي والمركزي لامتناعهم عن المشاركة في الانتخابات العامة المقبلة رغم انهم شاركوا في انتخابات 2007 التي صنفت كأسوأ نموذج من كل الاتجاهات.ولا احد حتى بين اقطاب المعارضة الكلاسيكية او تلك التي تملأ الدنيا ضجيجا حاليا يستطيع تقديم ادلة وبراهين على ان عمان الرسمية اصبحت طرفا في ترتيبات خاصة برمجت في الغرف المغلقة لحل القضية الفلسطينية على افتراض ان هذا الحل على حساب الاردن والاردنيين.وفي السياق لم يعد سرا ان برنامج المقاطعة للانتخابات المعلن من قبل الحركة الاسلامية تم تفصيله على اساس ان جماعة الاخوان المسلمين قررت ان تبتعد عن البرلمان في المرحلة المقبلة حتى لا تشارك في حفلة الترتيب السياسي الاقليمي المشار اليها.ذلك يعني ضمنيا بان المقاطعة عمليا لا علاقة لها بكل اسبابها المعلنة كما لا حظ رئيس الوزراء سمير الرفاعي شخصيا وهو يستغرب الشروط المعلنة للعودة عن المقاطعة ويعتذر علنا وسرا عن تنفيذها مقابل استعداد حكومته لاي حوار مع الاسلاميين او غيرهم تحت عناوين النزاهة كما فهمت 'القدس العربي' مباشرة.وحتى بعض الوسطاء المستقلين الذين حاولوا اقناع التيار الاخواني بالعودة للعبة مثل الدكتور بسام العموش تحدثوا عن برلمان مقبل مهم في مرحلة مهمة جدا قد تشهد حلا للقضية الفلسطينية، الامر الذي يتطلب وحرصا على المصالح الوطنية العليا وجود الاسلاميين في البرلمان.العموش اوضح لـ'القدس العربي' انه يجد صعوبة في تقبل مقترح غياب الحركة الاسلامية في المرحلة المقبلة وبعض خبراء اللعب السياسي قبله حذروا من ان انتخابات خالية من المعارضة الاسلامية في الاسابيع المقبلة تعني صعوبات في شرعية اي ترتيبات يمكن ان تكون المملكة طرفا فيها على الصعيد الفلسطيني.ولا يمانع الكثير من المراقبين الاستنتاج بان الحركة الاسلامية تغيبت عن العرس الانتخابي والحفلة البرلمانية تجنبا لاحراجات 'الشراكة'، وهو ما يؤشر عليه النائب المخضرم واليساري بسام حدادين وهو يطلق عبارة مشهورة يقول فيها بأن جماعة الاخوان المسلمين فقدت القدرة على الحساب ونسيت جدول الضرب.والاسلاميون ليسوا وحدهم في المساحة التي تبتعد عن الترتيبات المزعومة للقضية الفلسطينية وان كانوا وحدهم من يتجاهل المسألة علنا على الاقل، فجبهة سياسية مستقلة لبعض النشطاء تحمل اسم 'المبادرة الوطنية' اغرقت السوق ببيانات وخطابات تؤسس لمقاطعة الانتخابات بناء على تصور لحلول تصفوية للقضية الفلسطنية ومشروع صهيوني على حساب الوطن الاردني.وحتى جبهات حزبية نشطة في الاطار الوسطي مع شخصيات سياسية معتدلة حذرت من حلول للصراع سيدعمها الرئيس الامريكي باراك اوباما على حساب الاردن، وطالبت بالاستعداد والتصلب، فيما كانت الحلقات النشطة بالمعارضة الجديدة والتي تضم اعلاميين ومتقاعدين تحذر احيانا من خطوات وترتيبات في الغرف المغلقة للحل القادم.الاكثر اثارة ان كل هذا الضجيج حول ترتيبات غامضة ترافق مع الحضور الاردني الحماسي لافتتاح مفاوضات واشنطن الاخيرة واستدعى المزيد من شعارات التشكيك بوجود اجندة 'لدور اردني خفي' دون تقديم اي ادلة من اي نوع على تهمة الترتيبات السرية.الحكومة من جانبها تتجاهل الضجيج بوضوح وتتجنب حتى التعليق عليه، فوزير الخارجية ناصر جودة، وكما فهمت 'القدس العربي' يكتفي بالاشارة لعدم وجود مستجدات خارج سياق الثوابت الاردنية الكلاسيكية فيما يتعلق بعملية السلام.ورئيس الحكومة سمير الرفاعي بدت عليه علامات الاستغراب من هذه التقولات ثم علامات الاستهجان من النغمات التي تتردد احيانا بعنوان حل للقضية على حساب الاردن، مصرا على ان ما يقال سلميا بالغرف المغلقة هو نفسه ما يقال خارجها، مستنكرا الايحاء بأن عمان في موقع ضعف سياسيا واقليميا بحيث تتقبل حلولا على حسابها، كما توحي بعض الادعاءات كما يقول.

المفكر الأردني جميعان يعتبر دسترة فك الارتباط فكرة مشبوهة ومحاولة تسلل

اعتبر المفكر والكاتب الأردني الدكتور محمد أحمد جميعان الدعوة إلى دسترة فك الإرتباط بين ضفتي نهر الأردن، فكرة مشبوهة، ومحاولة تسلل، وذلك في مقال يحمل هذا العنوان، هنا نصه:مضت شهور وفكرة دسترة فك الارتباط تلعب بيننا، تحمس لها من تحمس بطيبة وحسن نية من دون التدقيق في محتواها وعمق ابعادها وتبعاتها، وانبهر بها البعض بداية وفي حالة استرخاء، ولكن سرعان ما تكشفت واستوت على حقيقتها، ففي ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، وصاحب الفكرة ماض باندفاع مستغرب في محاولة ترويجها في كل لقاء ومقال ومداخلة، لعله بذلك يضمن قوة تحملها او تيارا يحتضنها او صاحب قرار يتبناها.ولان المصلحة العليا للوطن والدولة والقضية تعلو على أي علاقة او شخص او افكار، فان الواجب يقتضي ان نتحدث بصراحة متناهية في هذا الامر، لاسيما ان الظروف حانت والشرفاء جاءوا، والشمس اصبحت في رابعة النهار وقد استبان كل شيء، وادرك من ادرك ان لامكان لمنظر يدهن لنا فكرة الدسترة لنبتلع التوطين والوطن البديل عن طيب خاطر وبارادتنا.لقد ارسل لي صديق مجموعة مقالات للسيد علي حتر يخاطب فيها المتقاعدين باسئلة تركزت حول هذه الفكرة وصاحبها بالذات، ولست هنا في معرض الاجابة على ما طرح من اسئلة متداخلة، ولكنني توافقت معه في طرحه حين رفض التوطين صراحة، واعتبر الفلسطينيين كل الفلسطينيين اصحاب قضية وطنهم هو فلسطين، وقد توافقت معه ايضا في رفض فكرة الدسترة من اساسها لانها فكرة توطينية بامتياز.تبعت ذلك مقالات للسيدة توجان الفيصل، مضامينها عتاب للمتقاعدين حول هذه الفكرة وصاحبها بالذات، ولست هنا ايضا في مناقشة هذه المقالات، ولكنها توافقت معها حول رفض فكرة دسترة فك الارتباط، وللامانة اثبت هنا انه اينما حللنا نواجه بالعتاب ذاته وسوء الفهم عينه حول هذه الفكرة وصاحبها بالذات، ولم اسمع ولم اقرأ أي نقد او عتاب او سوء فهم خارج هذه الفكرة وصاحبها منذ ان صدر بيان المتقاعدين العسكريين في الاول من ايار/مايو المجيد.واذا كان لي من اضافة في هذا المقام، فهو ان اطياف المعارضة جميعها تلتقي في بعض الاحيان على خيط رفيع من التوافق، وربما توافق عرضي مؤقت احيانا او بموقف طارئ اقتضته الظروف، كالعدوان على لبنان او غزة مثلا، في حين ان كل اتجاه بل وكل حزب او صاحب فكرة او زعامة يطالب المتقاعدين العسكريين ان يكونوا تابعين له، او نسخا عنه، او تحت ابطه، او منسجمين معه او متطابقين معه بالافكار تماما، وربما الاستثناء هنا لاصحاب الثقل والجادين في المعارضة والاصلاح من الاسلاميين والمبادرة الوطنية، الذين لم يطالبوا المتقاعدين بنسخ افكارهم، بل توافقوا معهم في كثير من المواقف والمناسبات، وهذا ظلم استثنائي خصت به بعض المعارضة المتقاعدين العسكريين دون غيرهم، رغم ان بيانهم تناول الاصلاح ومحاربة الفساد، ودعم خيار المقاومة بجرأة غير معهودة، والمبررات الظاهرة لهذا الموقف غير مقنعة، وربما ما خفي من الدوافع له دور في هذا الاتجاه. ان رفض فكرة دسترة فك الارتباط من اساسها، نابع من كونها الحلقة الاخطر والاخيرة في تثبيت التوطين والوطن البديل دستوريا، فما عجزت عنه الصهيونية واتباعها وعملاؤها، عمله بالمكشوف هناك من يريد عمله بالتسلل الى عقلية القوى الوطنية وصاحب القرار، بحيث يصبح الفلسطينيون قبل فك الارتباط 1988 وعددهم ما يزيد على ثلاثة ملايين نسمة اردنيين بحكم الدستور (الدسترة) ليؤكد على انهم حسموا خياراتهم وقرروا بانفسهم دستوريا بانهم اردنيون لا علاقة لهم بالعودة وحق العودة، بل لا يحق لهم بموجب هذا الاقرار الدستوري الخيار او الاختيار الا ان يكونوا اردنيين ولا علاقة لهم بفلسطين.والاخطر ان ذلك التعديل الدستوري المسمى دسترة فك الارتباط، سوف يستثمر ويستغل من قبل العملاء والمتخاذلين وادعياء المحاصصة والحقوق الناقصة اللاهثين وراء مصالحهم الذاتية دوما، الداعمين لفكرة الدولة اليهودية ومشروع شارون التوطيني واصحاب الوطن البديل واللوبيات الصهيونية والمنظمات الحقوقية والدولية والامم المتحدة، باعتبار ان دسترة فك الارتباط هو وثيقة رسمية دستورية اقرتها حكومة اردنية عضو في الامم المتحدة عليها ان تحترم دستورها الذي اصبح ينص على ان هؤلاء اردنيون بنص الدستور، وقد تخلوا عن فلسطينيتهم، وبانهم ليسوا فلسطينيين، بل هم اردنيون دستوريا لا علاقة لهم بحق العودة ومحادثاتها ان جرت دوليا، وهي فكرة مشبوهة بامتياز، وهي محاولة تسلل مدروسة بعناية ان كان ذلك متعمدا، لاسيما انها جاءت تحت شعار منع التوطين والوطن البديل، وليست تحت مظلة اخرى، كما هي حال اصحاب المحاصصة والحقوق الناقصة السياسية والسيادية وغيرها، الذين كان طرحهم مباشرا ولم يخفوا اهدافهم بانهم يسعون الى التوطين ووضع فلسطين جانبا، لاسيما ان جهودهم تلك اقترنت وتزامنت مع حوارات اميركية مكشوفة على مستوى عال ومعهم وفي سفاراتهم حول هذا الموضوع، وهم لا يخادعون ولا يتسترون في اهدافهم، بل يعلنونها جهارا نهارا، خلافا لطرح دسترة فك الارتباط الذي جاء تحت قناع متسلل لخدمة التوطين.لان من جاء بفكرة دسترة فك الارتباط او من اوحى او طلب منه كان مخططا بارعا ومفزعا وخطرا في آن واحد، ولكن اين المغالطة والخداع هنا، ولمصلحة من، وفي أي اتجاه وتحت أي عباءة ومظلة؟نعم المغالطة والخداع هنا كبير، لان ظاهر الامر في الفكرة يتحدث عن تثبيت فك الارتباط دستوريا من الناحية الجغرافية والسياسية والاقتصادية والمؤسسية، ولكن باطن الفكرة يأتي من انه يريد احتواء السكان الفلسطينيين في الاردن ما قبل فك الارتباط 1988 وسلخهم عن وطنهم فلسطين وتثبيت توطينهم دستوريا في الاردن، بحيث لن يعودوا فلسطينيين حكما وقانونا ودستورا.ولمصلحة من هذه الفكرة؟ لمصلحة تثبيت التوطين والوطن البديل دستوريا كحلقة اخيرة وكحل نهائي وتصفوي لمسألة اللاجئين وحق العودة لنحو ما يزيد على ثلاثة ملايين فلسطيني ما قبل فك الارتباط 88. وتحت ماذا؟ تحت شعار الوطنية ومنع التوطين والوطن البديل، وعبر من يريد تسويقه وحمله، عبر الوطنيين ومراكز ثقلهم وعبر الدولة الاردنية نفسها وعبر من يرى التوطين هاجسا مخيفا لا بد من الوقوف ضده ومنعه من لجان وقوى وشباب متحمس للحراك الوطني او الحركة الوطنية الاردنية بمفهومها العام، ولمن يريد ان يوصله في النهاية الى صاحب القرار...؟وهنا يجدر التفصيل، ويجب الحذر دائما من الاعيب الاستخبارات العالمية المتقدمة، كالاميركية والاسرائيلية، التي تعتمد علم النفس وتطبيقاته اساسا في عملها، لاسيما عندما يتعلق الامر بقضية كبرى تخدم الصهيونية واسرائيل، خطرة وحساسة ومهمة ومعقدة كتوطين اللاجئين الفلسطينيين في دول الجوار، لاسيما الاردن التي لا يمكن تمريرها بسهولة، وتحتاج الى عمليات تهيئة واساليب متقدمة واستثمار كافة المعطيات على الارض، اذ غالبا ما يلجأون الى 'اسلوب التسلل المقنع' او'اسلوب تطوير العلاقة او الفكرة' للترويج والاقناع والوصول الى عقلية صاحب القرار، الذي بدوره يتخذ القرار لصالح الاهداف المرسومة لاعدائه او خصومه، وهذه الخطط تعتمد على، وتحتاج الى ما يلي:

1 ـ فكرة مبطنة غير مكشوفة في الظاهر، ويصعب الوصول الى باطنها وحقيقتها لانها تحتاج الى جهد وتعمق من اجل ادراك ابعادها ومراميها، بحيث تبدو في ظاهرها الرحمة وخدمة المقابل او الخصم، وفي باطنها العذاب وخدمة الاهداف المرسومة او صاحب الفكرة او الجهاز. وعلى سبيل المثال هنا فكرة دسترة فك الارتباط وما شرحناه سابقا.

2 ـ وكيل او عميل موثوق ليس للجهاز نفسه فقط، بل عند من يريد تسويق الفكرة عليهم ليحملوها الى صاحب القرار. والثقة تأتي من خلال الحقيقة او الايهام او السيرة الذاتية للعميل بانه تعرض للتعذيب او طرد من عمله او.. او اولا، وثانيا من خلال انه يحمل فكرا وطنيا منسجما مع من يود ترويج الفكرة عليهم.

3ـ قاعدة حماسية مؤثرة من القوى والشباب وذات نفوذ تتقبل العميل وتثق به، بحيث لا يكون محل شك لديهم ولا يدققون فيما يطرحه عليهم من افكار، ويحملونها بثقة من دون التدقيق فيها.

4 ـ العنصر الاهم هنا (وهو المقتل) ان يتم ترويج الفكرة وتسويقها على من يريد حملها وتبنيها لايصالها الى صاحب القرار ممن هم اعداء او خصوم لحقيقة الفكرة وليس ظاهرها. وعلى سبيل المثال هنا ان يتم تسويق فكرة دسترة فك الارتباط التي في ظاهرها منع التوطين وفي حقيقتها تثبيت التوطين وتوثيقه على من يحارب التوطين، كالمتقاعدين مثلا والقوى الوطنية الاخرى.

5 ـ حفظ خط الرجعة في هذه الخطة او ما يسمى بـ'خطة الهرب' في ما لو كشفت حقيقة ان ما يطرح يكمن في الادعاء ان القصد كان من دسترة فك الارتباط وتوثيقه هو القبول بالتوطين الواقعي الموجود للفلسطينيين في الاردن، درءا للتوطين القادم عبر التهجير القسري من فلسطين الذي يروج له بانه قادم علينا من اجل نجاح خطة التوطين الدستوري، او ما يسمى بدسترة فك الارتباط، وكخطة هرب لخطة التسلل المقنع لهذه الفكرة.المتقاعدون العسكريون ظلموا في ما الصق بهم بانهم يتبنون هذه الفكرة، ولعل من استل خنجره لينتقدهم كان جل نقده، بل كله حول هذه الفكره وعلاقتهم بصاحب هذه الفكرة، وحقيقة الامر ان المتقاعدين يرفضون رفضا تاما هذه الفكرة، ولكنهم لا يحاولون التوقف عند كل من ينتقدهم بقصد او غير قصد، محاولا تثبيط عزائمهم او احباط مسعاهم، تاركين ذلك للوقت المعلوم، فليس كل ما يعلم يقال، وليس كل ما يقال جاء زمانه وحضر اهله.ومن يراجع البيان ببصيرة ومن دون هوى او غاية يجد ذلك بوضوح في خطة متكاملة لحفظ القضية ومنع بيع فلسطين، من خلال حق العودة، والمحافظة على هويتهم، وبناء قوة مقتدرة ورسم خطة دفاعية فاعلة، وتبني خيار المقاومة كمنهج لتحرير فلسطين، وما قوننة فك الارتباط (وليس دسترته كما يطرح) الا اجراء سريع قصد منه منع التوطين ونزع فتيله، وقد جاء هذا الطلب الاجرائي بالقوننة لفك الارتباط كرد فعل سريع على وثيقة حصل عليها المتقاعدون العسكريون، وسلمت الى الجهات الرسمية، تضمنت تجنيس نحو (ستة وثمانين الفا) من فلسطيني الارض المحتلة مؤخرا في سنة واحدة من قبل احدى الشخصيات الكبيرة المتنفذة، وهو تفريغ عملي للفلسطينيين في الارض المحتلة، (وهذا بالمناسبة تم توضيحه في كل لقاءات المتقاعدين الرسمية والعامة، وربما لاول مرة يتم الحديث فيه اعلاميا).وهنا السؤال للشرفاء اصحاب القضية المقدسة، لمصلحة من يحدث تفريغ الاراضي الفلسطينية؟ وما هي الدوافع وراء ذلك التفريغ والتجنيس؟ أليس هذا منسجما ومتوافقا تماما مع عملية التوطين، وطرد الفلسطينيين وتهجيرهم من ارضهم، أليس هذا متوافقا مع طرح يهودية الدولة الاسرائيلية التي تنادي بها الصهيونية وعتاتها امثال رؤوبين ريفلين رئيس الكنسيت الاسرائيلي؟ الا يستحق هذا الفعل مطالبة سريعة باجراء عملي لوقف مسلسل التوطين وتفريغ الارض المحتلة من اهلها؟!ولنرى فقط ما دعا اليه رئيس 'الكنيست'، رؤوبين ريفلين المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغوط على السلطة الفلسطينية لإزالة كافّة مخيّمات اللاجئين من الدول المضيفة والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، لما يشكّله 'حق العودة' من 'تهديد على الوجود الإسرائيلي في المنطقة'. في اجتماع عقد بتاريخ 13-9-2010، لأعضاء حزب 'الليكود' الحاكم، حيث قال 'طالما ظلّ الفلسطينيون يستخدمون اللاجئين كأداة سياسية فلن يتم التوصل إلى سلام.. إن حق العودة يشكّل تهديداً وجودياً على دولة (إسرائيل)'.؟ومن هنا فان العودة إلى فلسطين (وليس حق العودة فقط) هي الوحيدة التي تقلق (إسرائيل) وما سواها قابل للقسمة والتنازل، لأن عودة الفلسطينيين إلى وطنهم نهاية (إسرائيل) ديمغرافياً وسياسياً بل وعملياً، لذلك فإن (إسرائيل) والصهيونية ومن يدور في فلكهما، مستعدة أن تدفع مليارات المليارات من الدولارات لمن يساعدها في توطين الفلسطينيين في الشتات، بل ومستعدة أن تحرق كل عملائها من أجل دعم التوطين والوطن البديل، وأكثر من ذلك مستعدة أن تستخدم كل مقدس ومصطلح مقدس وكل رذيلة وانحطاط وإفساد من أجل هذه الغاية، فالغاية تبرر الوسيلة، ولا غرابة أن تجد العالم المغرر أغلبه وتابعيه من المتخاذلين وجامعي المال وطلاب المناصب والألقاب أن يلتم شملهم ويقفوا على أهبة الاستعداد مشمرين عن سواعدهم ومكشرين عن أنيابهم من أجل دعم التوطين والمحاصصة والتجنيس وسحق كل من يقف أمام طموحاتهم..فلسطين ليست الاندلس مع تمسكنا بكل ارض عربية او حكمها العرب، فهي مهد الحضارات وارض المقدسات واولى القبلتين تهفو اليها نفوس المسلمين والشرفاء في العالم كله، ومنهم الجزائريون الذين ضحوا بمليون شهيد لتحرير وطنهم فكيف بفلسطين التي هي ارض ابائهم واجدادهم وعزتهم وكرامتهم؟! ومن له وطن كفلسطين، يتغنى به العرب والمسلمون وكل شرفاء العالم، عليه ان يبقى واقفا والبندقية في يده، فاما ان يحررها او يموت دونها.واهل فلسطين ليسوا كأي اصول او منابت اخرى، بل هم شعب طرد من ارضه ومسقط رأسه ظلما وقهرا، او هربوا من الاحتلال واوجاعه، والشريف عندما يطرد او يهرب في حلقه غصة وفي قلبه ثورة وفي كيانه ناموس، لا يهدأ له بال ولا ينعم في دنياه الا بطرد المعتدي عليه واعادة وطنه وارضه والعودة اليها بعزة وكرامة، فلا كرامة لنبي الا في ارضه ووطنه، ومن هنا يأتي احترامنا وثناؤنا لقوى المقاومة الحقيقية في فلسطين وانصارها والشرفاء معها لانها تحمل شخصية الشريف الذي في حلقه غصة وفي قلبه ثورة وفي كيانه ناموس لتحرير ارضه والعودة اليها، وبالمقابل هنا يأتي عدم احترامنا الدائم لمن اصبحت البطون والمناصب والمنافع الشخصية والتوريث عنده اثمن من وطنه في فلسطين واقدس من ترابها.لقد اكبرت كثيرا الكاتب المقدسي ماهر ابو طير وهو يحض اهله على العودة الى القدس وفلسطين ليكونوا شوكة في خاصرة الاحتلال، وان يكونوا عونا لاهلهم الرازحين تحت نير الاحتلال وليسوا متفرجين على عذاباتهم ليشكلوا شوكة قوية بمقاومة الاحتلال هناك، وقد انزعجت كثيرا وشعرت بالازدراء حين قرأت في بعض المواقع الالكترونية ان هناك سيلا من اصحاب الملذات والبطون اللاهثين دوما قد تهجموا على هذا الكاتب، مما اضطر الكاتب الى اغلاق خطه، وقد ذكرني ذلك بسيل الرسائل التي انهالت على الفيس بوك وغوغل لاغلاق موقعي، فهل اصبحت البطون والمناصب والمنافع الشخصية والتوريث اثمن من فلسطين واقدس من ترابها؟!ان الشرفاء دائما ما يلتقون، سواء كانوا اردنيين ام فلسطينيين، ولكنهم بحاجة اكثر لرص الصفوف ومضاعفة الجهود. ويحضرني هنا لقاء تلفزيوني على فضائية الجزيرة بث مؤخرا في نهاية ايلول/سبتمبر /2010 جمع القيادي في حماس اسامة حمدان ورئيس الديوان الملكي الاردني سابقا الاستاذ عدنان ابو عودة الذي بقي نظيفا ولم يلتحق بقوى اصحاب الاعمال والتوريث، والجمع والرجال والزمان والمكان والحديث هنا له دلالة قوية، وكان الحديث عن التوطين، حيث اجمعوا على ان التوطين هاجس الجميع، وان منع التوطين ليست استراتيجية اردنية وحسب بل هو استراتيجية فلسطينية ايضا، لان الامر يتعلق بقضية وطن اسمه فلسطين، وانه لابد من وضع استراتيجية مشتركة تتضمن اجراءات عملية حقيقية وفاعلة لمنع التوطين، وليس صورية او شكلية تتعلق بأخطاء موظفين، وهذا هو ما يريده كل شريف منصف من رجالات الوطن واهله ومنهم المتقاعدون الذين علقوا ناقوس الخطر، فارادتهم تلتقي مع ارادة كل شريف من رجالات فلسطين واهلها، ولتكن البداية من هنا، من هذا اللقاء، لنجسد استراتيجية اردنية فلسطينية مشتركة ينبثق عنها اجراءات عملية لمنع التوطين ونزع فتيله، وقهر اسرائيل واتباعها، بان مخططاتهم المكشوفة والمستترة لن تنجح ونحن لها بالمرصاد.

(لقدس العربي)

*كاتب وباحث اردني

drmjumian@yahoo.com

���� 10/9/2010

لعبة المال السياسي "دفع شندي بندي".. ابتزاز متبادل بين المرشح والناخب

رنا الصباغ

2010-10-10

رغم وعيد الحكومة بلجم عصا المال السياسي, تتناسل صفقات الابتزاز المتبادل بين ناخبين محتملين ومرشحين على أمل ضمان حد أدنى من الأصوات قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 9 تشرين الثاني, في مجتمع يطحنه العوز وفقدان الأمل في التغيير الإيجابي. فالمساومات "والمفاصلة" تتدحرج على وقع شراء الذمم وتعزيز الحضور السياسي لمرشحين وجهات تراهن على ورقة المال. ولا يبدو هناك اكتراث بفتوى دائرة الإفتاء التي حرمّت الرشوة وشراء الأصوات بالعزف على أوتار القيم المجتمعية, المبادئ والأخلاق. الفتوى أكدت عدم جواز طلب المال أو تلقي هدايا ثمنا للصوت, لأن من شأن ذلك إدخال من ليس أهلا لذلك إلى مجلس النواب. وتساءلت في المقابل كيف يؤتمن على مصالح وطنه ومقدراته من يدفع المال للناس مقابل انتخابه وحشد الأصوات له دون غيره? على الحكومة الآن والأجهزة الأمنية ضرب المثل على شكل فزّاعة عبر ترجمة الأفعال إلى أقوال. وقد يساعد توقيف مرشحين ممن يسمون ب� "حيتان المال" ومعاقبتهم - بموجب القانون المؤقت الذي غلّظ عقوبات الجرائم الانتخابية - ليكونوا عبرة لغيرهم. هكذا تحرك ميداني بات ضرورة وطنية حتى لا يتحول شعار "دفع الأموال مقابل حصد الأصوات" عنوانا للانتخابات القادمة, مع تنامي خيار المقاطعة لدى التيار الإسلامي, ومشاعر الاستنكاف بين شرائح مجتمعية واسعة فقدت الأمل بدور السلطة التشريعية, وبخطاب التحديث والإصلاح المرفوع منذ سنوات. وعلى الإعلام أيضا مسؤولية كشف هذه الممارسات غير الأخلاقية, كما فعلت صحيفة واحدة على الأقل في الانتخابات الماضية مع أن أيا من المسؤولين لم يتدخل لوقف الخلل وقتها. محاسن عملية شراء الأصوات, لمست لأول مرة في انتخابات ,2007 حين ساهمت في فوز خليط من وجوه مجربة وشخصيات جديدة لم تكن تحلم بحصد عدد غير مسبوق من الأصوات, أوصلتها إلى مجلس منزوع الدسم السياسي وفاقد للشرعية الشعبية قبل أن يحل أواخر العام الماضي. في لعبة الانتخابات الأخيرة تعاضد مرشحون وناخبون لحماية مصالحهم الشخصية على حساب الوطن بينما كان "المطبخ الرسمي بلاعبيه كافة" يرسم استراتيجية للتأثير في سير العملية الانتخابية قبل بدئها وخلال التصويت, وفي البال كسر شوكة التيار الإسلامي الموالي لحماس والإتيان بوجوه جديدة تؤيد أجندة التحديث الإشكالية, بحسب ما تسرب من تبريرات لاحقا. في الموسم الحالي, تفوح رائحة المال السياسي بشكل مقزز. يتم ذلك من خلال استغلال ثنائية الفقر والبطالة, التحديات الاقتصادية, تناسل فجوة الثقة, تراجع هيبة الدولة, بروز الهويات الفرعية, التشكيك بدور البرلمان التشريعي والرقابي وبمجمل العملية السياسية بما فيها آلية تعيين الحكومات, تدوير المناصب العليا, وعدم محاسبة الفاسدين والمفسدين. الرشوة انتقلت أيضا الى التجمعات المتجانسة سكانيا الخاضعة لسيطرة عائلات وعشائر انقسمت حيال تزكية مرشحيها. لكن غالبية ممارسات الرشوة تتم في المدن الكبيرة والدوائر الصعبة وشبه المغلقة. الآن تتردد داخل وخارج مناطق الثقل العشائري الاسطوانة التالية; "كم تدفع مقابل صوتي? فلان من المرشحين يدفع كذا فكم سيطلع من خاطرك". "احتاج ثمن بعثة جامعية لأبني", "عندي قرض بنكي بحاجة لتسديد", "مفلسين وبدنا نفرح بعيدية قبل العيد (الأضحى)". أصحاب البرامج والرؤى يصابون باكتئاب, لا سيما المرشحات الفقيرات اللواتي يصطدمن ببورصة الأصوات وشزر الرجل في العشيرة. أما الحيتان فيركبون الموجة. حين يجادلهم المرشح غير القادر على خوض مضاربات بازار شراء الأصوات حول الإصلاح والأخلاق, يجيب "البائع" المفترض: "نعرف مسبقا انك ستنسانا وتنسى همنا بعد دخولك المجلس, وستبدأ بالبحث عن تحقيق مصلحتك الشخصية ومصلحة محاسيبك, واللهث وراء تحصيل امتيازات وتنفيعات صغيرة وكبيرة من هنا وهناك, وإعفاء جمركي لسيارتك, وبعثات حج وجامعات...". ويردف الناخب المساوم: "على الأقل خليني استفيد من مالك لتحسين وضعي وسداد قرضي البنكي أو ديوني لأنه مش راح أشوف منك أي خير بعد أن تصل المجلس". جولات في دوائر عدة, بما فيها عمان الأولى والثالثة, وخارج العاصمة, تكشف ممارسات مخجلة تبدو أقرب إلى "مافيات الأصوات", أبطالها رجال ونساء مؤثرون في محيطهم المباشر. في أكثر من حي يحتدم التنافس على توزيع مغلفات محشوة بالمال. وهناك عشرات طلبات التوظيف في القطاعين. وتسمع مرشحين يعتزون بعلاقاتهم الوطيدة مع "س" و"ص" من المسؤولين, ويعدون من يعطيهم الصوت بتوظيف ابنه أو ابنته المحبطة الذي يبحث عن فرصة عمل منذ شهور أو سنوات. تشاهد ناخبين لا يفتحون المغلفات ولا يتصرفون بما فيه إلا إذا تأكد لهم انه لا يوجد مرشح آخر سيدفع أكثر من سلفه. قانون الصوت الواحد في الدائرة الواحدة الوهمية لمقعد واحد بدل الصوت الواحد المجتزأ انعكس أيضا على تقسيمات مناطق نفوذ ما تعرف ب"مافيات الأصوات". كل حارة لها سمسار. كثير من المرشحين لا يستطيعون الالتقاء بالناخبين إذا لم يضمنوا دور الوسيط. يبرز في إحدى مناطق عمان الثالثة شاب نشط يحظى بتأثير واسع في أوساط الشباب كان عمل منسقا لمصلحة فلان من النواب في الحملة الانتخابية 2007 وله أيضا خبرة في إدارة حملات مرشحي أمانة عمان. وهناك شخصيات مؤثرة من كبار السن لكنهم لا يملكون هواتف خلوية أو أموالا تمكنهم من الاتصال بناخبيه "والحوس" بينهم. لكسب أصوات النساء, يلجأ مرشحون ومرشحات إلى مفاتيح نسوية معروفة بقدرتها على التأثير الإيجابي وبقوة شخصياتهن وتواصلهن الاجتماعي. منهن نساء اكتسبن شهرة عندما ساعدن مرشحين وصلوا إلى المجلس السابق. تتحدث إحدى الروايات عن سيدة من هذه المفاتيح كانت يدا يمنى لأحد المرشحين في عمان الثالثة قبل أن تنقلب عليه لمصلحة مرشح آخر دفع لها مبلغا أكبر. تقول هذه السيدة إن هدفها من وراء الانتقال إلى الخندق المعادي ليس فقط المال, إنما "فرك مناخير المرشح الآخر الذي أغضبها وباق فيها". وهناك صنف آخر يقدم خدمات للمرشحين, لكن على مستوى أعلى وأكثر تقدما. لائحة الأسعار تختلف لدى تحضير المناسبة باختلاف المطلوب. مهرجان في الهواء الطلق له سعر, وداخل الصيوان له سعر آخر. بعد صلاة الجمعة مع حفل غداء بتسعيرة مختلفة, وكذلك عند الغروب مع ضيافة ماء, عصائر وكنافة.. شامل مواصلات سعر وبدون مواصلات سعر. بالتأكيد ستزيد الأسعار على قاعدة العرض والطلب مع بدء عملية تسجيل الناخبين كمرشحين اليوم الأحد ولمدة ثلاثة أيام. يقترح البعض بأن تتنصت الأجهزة الرسمية على مكالمات بعض المرشحين ومنسقي حملاتهم الذين باتوا مضرب مثل لدى الحديث عن شراء الأصوات, أو محاولة نصب كمين لهم من خلال سماسرة أصوات قد يقتنعون بضرورة وقف تلك الممارسات المضرة بهيبة الدولة وبكرامة الناس. في المقابل, يجادل معارضو هكذا اقتراح بعدم مشروعية وأخلاقية التنصت على الآخرين. بانتظار أن تجد الأجهزة الأمنية وسيلة لضبط "حيتان المال السياسي" كردع للناخبين والمرشحين, بإمكان وزارة الداخلية منع الناخبين من إدخال أجهزة الخلوي إلى غرف الاقتراع يوم الانتخابات لكي تمنعهم من تصوير اقتراعهم لسماسرة الأصوات. فهي منعت المراقبين من إدخال خلوياتهم إلى غرف الاقتراع. ويمكنها أيضا تدشين خط ساخن مخصص لتلقي شكاوى ضد صفقات بيع الأصوات, بخاصة تلك التي تتم في ربع الساعة الأخيرة كما حصل في الانتخابات الماضية, "عينك عينك" على أبواب مراكز الاقتراع. تشديد الحراسة قد يكون مفيدا لتخويف من يحاول المناورة بمغلفات المال. بالطبع, يجب ضمان عدم كشف هوية المشتكي إنما تحري شكواه, ولدى تثبيتها قد يُطلب للشهادة من اجل الوطن.0

rana.sabbagh@alarabalyawm.net